وفيه "شقاءٌ " للناسِ

هند خليفات

حين كانت أحبال الأسلاك تحمل ذبذبات الأصوات من مدينة في أستراليا إلى قرية في جنوب الإمارات مرورا بمزاج عامل المقسم الذي كان لا شك يمارس رقابته الاجتماعية والفضولية بطريقته لا بد أن كانت حميمية قرار الإتصال في أعلى مستوياتها لو كنا نريد أن نقارنها في حقب زمنية تالية ..

 

وجاءت سّكرةُ الأنترنت بالحق ؛ وأنتشر في الأثير موجات الواي فاي الذي جاء كثيفاً كريماً ومتاحاً وطاف قرى العالم العربي وحتى كثير من صحاريه وصار التواصل يتخذ بضعة نقرات على لوحة ذكية وإستحال العالم من قرية صغيرة لقبضة في كفك ؛ هذه التحولات العنيفة تركت صدوع في بنيان العلاقات الإجتماعية خاصة في العالم العربي الذي هو جزءٌ مهمٌ في العالم الشرقي -صديق الشمس ورفيقها- والإنفعالي الأبرز بين شعوب العالم ..

 

كلمة تحركه وأخرى تجمده وجملة ممكن أن تجعله مقاتلا وأخرى قد تحيله عاشقا .. ألم أقل لكم نحن سادة الإنفعالات المربوطة مع تغير دفق الشمس ؛ المسافة عنده بين الإقدام والإحجام قد تكون جزءا من الثانية !

 

 

 

وبعد هذه الصدوع التي إعترت هيكل العلاقات الإجتماعية؛ وهذه الثورة الإتصالية التي تركت آثارها حتى على سُلاميات الأصابع  وعلى سرعة التعبير وافقدت الكثير من حميمية الإتصال الشفوي والتعبيري المباشر لابد أن تقوم الطبيعة بتنظيم نفسها حين لا نقوى نحن أن نقول لا في مواجهة هذا المد التكنولوجي الإتصالي ...

 

أتوقع أن يأتي زمنٌ قادمٌ وتتعثر هذه الطاقة الإتصالية وتنوء بحملها ذرات الأثير ؛ وأن تنهار هذه الشبكة الضخمة تلقائيا بفعل أننا افرطنا في توازن استخدام هذه الطاقة وقتا من الزمان ..

 

 

 

الطبيعة حين نعاندها تتصرف وحدها بالإنهيار لتعيد بناء التوازن من جديد ؛ فالميزان هو كلمة السر الأقدم للكون وطاقاته...

 

كما ينهار البنكرياس من جراء جرعات السكر العالية بالدم ويعود إنتاجه للشكل البدائي؛ وكما يسقط برجٌبَالغ مصممه في العلو دون اساسات قويمة ، وكمن تبالغ في عمليات التجميل وتُعاند قوى الطبيعة حتى تعود الى حالات مرعبة النتائج كما شاهدنا الكثير منها . 

 

كيف سيكون حينها  الفرد  الذي إقترب من التحول الى روبوت من دم ولحم وأعصاب حين يكون مُجبرا للعودة إلى أدواته الإتصالية الطبيعية من كلمات وحركة الشفاه واليدين وتعبير العينين .. أخشى إن يكون فًقًد معظمها ويحتاج بعدها إلى  إعادة تأهيل أو يكون مصيره الإنقراض!

 

 

 

*هذه نواة لمقالِ خيالٍ علمي لكاتبةٍ ساخرةٍ أفرطت في شرب أبريق من الشاي 

 



Www.hindcolors.com

Twitter / Facebook : @hindkhlaifat

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه