2016-01-12 

من خدم الإسلام أكثر: دعاة الفتنة أم محمد علي كلاي؟

فهد عامر الأحمدي

 

الرياض-  في عام 1965 أعلن الملاكم الأميركي كاسيوس مارسيلوس اعتناقه للإسلام وغير اسمه إلى محمد علي كلاي.. كان حينها في الثالثة والعشرين وأصبح مشهورا بعد فوزه على الملاكم الأسطورة سوني ليستون. لم يرق ذلك لزوجته ومدربه ووكيل أعماله وعائلته المسيحية ولكنه استمر على موقفه.حينها لم يكن معظم الأميركان قد سمعوا عن الإسلام ولكن محمد علي لفت انتباههم لسماحة هذا الدين.. ففي السنة التالية نشبت حرب فيتنام فاستدعاه الجيش للخدمة فرفض قائلا: "إن ديني يمنعني من قتل أناس لم يعتدوا علي".. وفي لقاء تلفزيوني قال "أنا مسلم والمسلمون لايخوضون حروبًا إلا في سبيل الله" وفي مناسبة أخرى قال "لن أحارب الفيتناميين لأنهم لم يعتدوا علي ولم يخرجوني من داري ولم ينادوني يازنجي". ونتيجة لرفضه تم الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات (وكان شابا في عز صحته) وسحب منه مجلس الملاكمة كافة ألقابه عام 1967..

 

غير أن محمد علي خرج من السجن أكثر شعبية (خصوصا أن الشعب الأميركي أدرك صحة موقفه من حرب فيتنام) ونال بطولة العالم أربع مرات وأصبح الإسلام في أذهان الأميركان مرادفا للسلام والتسامح وعدم الاعتداء على الآخرين.. كان هذا في ستينيات القرن الماضي حيث ازدهر الإسلام بين الأميركان السود وتعرف فيه البيض على نموذج تطبيقي رائع قدمه محمد علي كلاي.. أما اليوم فأدعوكم أنا للمقارنة بين السمعة الإيجابية التي حققها محمد علي كلاي، وبين السمعة السلبية التي قدمها دعاة الفتنة وأتباع القاعدة وداعش الذين صدوا عن سبيل الله بأعمال القتل والتفجير وجز الرؤوس بل وأساءوا لسمعة الجاليات الإسلامية في الدول الغربيةحين كنت في واشنطن (ضمن الوفد الإعلامي المرافق لخادم الحرمين الملك سلمان) قال لنا سيناتور أميركي سابق: "معظم الأميركان لا يعرفون شيئا عن الاسلام، ولم يقابلوا يوما أشخاصا مسلمين ولكن حين وقعت تفجيرات 2001 أصبح لسان حال الجميع يقول: إن كان هذا هو الإسلام فلا نريد التعرف عليه، واتخذوا كلهم موقفا سلبيا تجاه المسلمين". ويؤكد هذه الحقيقة روبرت جونز (مدير معهد بي ارارآي لأبحاث الدين) الذي قال لنا: "70% من الأميركان لم يكونوا يعرفون شيئا عن الاسلام أو حتى تحدثوا مع أي مسلم بشكل عابر. ولكن بعد تفجيرات 2011 أصبح معظم الأميركان يملكون نظرة سلبية للإسلام دون أن يتحدثوا مع أي مسلم بشكل عابر"...

 

وللأسف؛ هذه الأفكار السلبية تفاقمت بشكل واضح بعد تفجيرات باريس حيث أشارت استطلاعات الرأي إلى أن 94% من الأميركان أصبحوا يشكون في المسلمين الذين يعيشون بينهم، ويتفادون الحديث معهم.. وحسب الاستطلاع السنوي الذي أجراه المعهد السابق أصبحت نظرة الأميركان للإسلام سلبية بشكل أكبر مما حصل حتى بعد تفجيرات2001 .. ويعود السبب إلى الحوادث الإرهابية التي سمعوها منذ لك الوقت باسم الإسلام وارتباط صيحات "الله أكبر" بقتل المدنيين والأطفال، وزاد الطينة بلة قتل 14 معوقا من قبل المتشدد فاروق وزوجته مالك في كاليفورنيا وفي الحقيقة؛ الأمثلة والاستطلاعات كثيرة في هذا الجانب ولكن جميعها (وباختصار) لا يصب في صالح الإسلام والمسلمين.... وبدون شك جزء كبير من المشكلة نتحمله نحن..يتحمله دعاة لا يفرقون بين الجهاد وقتل المدنيين الآمنين غدرا باسم الجهاد.. تتحمله ثقافة لا تفرق بين الدفاع عن الإسلام، وممارسة أفعال غادرة تشوه سمعة الإسلام.. تتحمله عقول لا تفرق بين الدين والتشريع، وبين الفقه والفتوى والثقافة الدينية (التي تتلون بحسب ثقافة المجتمع، وعصر الفقيه، وفهم الناس للنصوص الشرعية.

 

لماذا تنفذ عمليات القتل والتفجير باسم الدين وتوجه فقط ضد التجمعات الغافلة والمدنيين العزل؟ ألم نتعلم بعد أنها تسيء لسمعة الإسلام وتسعد أعداء الدين وتصد الناس عن دخوله أفواجا.. ألم نلاحظ أن خوارج هذا العصر لم يحاربوا إسرائيل ولم يحرروا القدس ولم يواجهوا مليشيات النظام الإيراني في العراق، ولم يحاولوا إخراج النظام البعثي من دمشق... مرة أخرى.. قارنوا بين الخدمة التي قدمها محمد علي للإسلام (رغم أنه لم يكن داعية ولا حتى شديد التدين)، وبين السمعة السيئة التي قدمها للدين دعاة الفتنة وأتباع داعش والقاعدة (أَلا لعنةُ اللّهِ علَى الظالِمِين الَّذِين يَصُدون عَن سبيلِ اللّه.(

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه