2016-01-25 

الميليشيات.. نواة تقسيم العراق

أيمـن الـحـمـاد

الرياض - في خضم المعركة الحاصلة ضد "داعش" في العراق؛ جدير بنا أخذ الحيطة والحذر من أن يُستغل هذا الهدف المشروع والمطلوب للقيام بأفعال أقل ما يُقال بأنها إعادة استنساخ للتطرّف والحقد والكراهية في قلوب العراقيين من السُنة الذين يتعرّضون إلى حملات دموية في إطار الحرب على "داعش" الذي استهدفهم في البداية بسبب ضعف الدولة العراقية، ليأتي "الحشد الشعبي" وميليشياته لتستهدفهم أيضاً فأصبحوا في حالة يرثى لها، وفي إطار الحرب الأخيرة في الرمادي وما حققته من اختراق بمساعدة أميركية فاعلة يجدر بالحكومة العراقية الحفاظ على هذا التقدم وعدم التفريط به.

 

أمس الأول اُستدعي السفير السعودي في العراق ثامر السبهان للخارجية العراقية وهو الذي للتوّ قدّم أوراق اعتماده كأول سفير للمملكة بعد فترة انقطاع طويلة، ولا عجب فمسوّغ الاستدعاء كان بسبب انتقاد وجّه صوب "ميليشيا الحشد" التي اُنتقدت حتى من بعض رجالات الدين الشيعة.. نقدر عالياً سيادة العراق، إلا أن ذلك لا يبدو جلياً، فالكل يعرف -وأولهم العراقيون- أن البلد مختطف من قبل ميليشات إيران المهتمة والمنغمسة في إغراق البلاد بالسلاح والميليشيات التي ستجعل من العراق بلداً تتجاذبه المجوعات المسلحة.

 

إن المملكة تدرك أن السلاح خارج الدولة لا يمكن أن يبني دولاً، وهذا ما يحدث في لبنان واليمن، والمملكة لا تريد لبلد مثل العراق أن يحل به ما حل بسورية التي تحكمها تلك المجموعات وتسيطر على أراضيها، لأن العراق دولة مهمة في المعادلة العربية.. وبغض النظر عن تصريحات السفير السبهان فإن وجود تلك الميليشيات والحضور السياسي الإيراني لا يمكن أن تخطئه عين حتى وإن حاول البعض تجاهل ذلك أو إنكاره، فالكل شاهد كيف منعت تلك الميليشيات رئيس الوزراء حيدر العبادي من دخول المقدادية في تصرف يدل على استنقاص من هيبة الدولة، وتلك ليست إلا البداية، فهل نسمع بسيطرة ميليشيا على مدينة عراقية كما فعلت "داعش" بالموصل..؟

 

إن الرأي العام العراقي واعٍ ومدرك لضلوع الإيرانيين في تردي الدولة؛ ففاقد الشيء لا يعطيه، ولقد كان موقف تلك الجماهير واضحاً خلال الصيف الماضي عندما ضاقت ذرعاً بسوء الخدمات، وأدت إلى حالة استنفار كان ولا بد من استغلالها لكبح نفوذ طهران داخل العراق العربي.

 

لا مناص من أن قيادة البلاد عن طريق الميليشيات المسلحة سيفضي إلى فوضى وكراهية ونزاع طائفي يهدد كيان العراق، والمسؤولية مناطة اليوم بالمسؤولين العراقيين الذين يجب أن يقوموا بإجراءات لحصر السلاح بيد الدولة العراقية، وإن محاولة إضفاء الشرعية على الحشد والميليشيات بشكل عام يضع الحكومة في خانة صعبة، ويعرّضها للمساءلة من قبل مواطنيها الذين يشعرون أنهم مستهدفون بسبب انتماءاتهم المذهبية، وإن على المرجعيات مسؤولية اتخاذ مبادرة حاسمة لنزع فتيل توتّر خطير قد تصل مفاعيله بغداد إن عاجلاً أو آجلاً.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه