2016-01-27 

مصر الشعب.. لا مصر الإخوان

عبدالله العوضي


الاتحاد - يبدو واضحاً بأنّ «الإخوان المسلمين» لم يقرؤوا تواريخ الثورات جيداً، ولم يلقوا بالاً إلى مصير الثوّار بعد أن ينكشف أمرهم أمام المغترين بالحشود والجموع الضخمة، وعند ساعة الجد يذهب كل إلى سابق عهده، أو يلعن الوقت الذي قَبِلَ أن يكون واحداً من قطيع الدهماء.

 
 
 

هذا الوضع استمر لدى «الإخوان» لعام فقط لا غير، وهو زمن أقل من لمح البصر في عمر التاريخ الحقيقي لبناء الأمم والحضارات التي لها موقع من الإعراب في عمق الحياة البشرية بكل فسيفسائها وثرائها النوعيعندما تفقد جماعة ما البوصلة الصحيحة لإدارة الدول والأمم الحية، تُحيل كل مقدرات الدول التي تصعد لحكمها عنوة إلى أقرب من الخراب واليباب.

كادت مصر في ظل حكم «الإخوان» في عام أن تقع ضحية لهذه البوصلة الضائعة من الأصل، فمهما تفعل من إعادة عقارب الساعة إلى ساعة صفر الثورة، فإن ذلك لوي لسنن

الكون التي عجز «الإخوان» في تلقينها لأتباعهم في مصر وخارجها، حتى كانوا هم أوَّل من ذهبوا أدراج تلك السنن، لأنّ سنن الله لا تتخلَّف عن إنسانه، مسلماً كان أو غير ذلك، فهي الحكم العدل على الجميع بلا مجاملة ولا مواربة.

 

اليوم، وبعد خمسة أعوام من الشد والجذب، لا زال «الإخوان» مصرِّين على أنهم يعيشون في «عهد مرسي»، وليس السيسي الذي يحكم مصر فعلاً، وهم يعتبرونه خيالاً ليس له من الواقع شيء.

هذا حال الفكر، وإن كان يسمى إسلامياً، الذي يقود جماعة مضى على عمرها الدهر، وتكاد الآية الكريمة تنطبق عليها في (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُوراً)، رغم أن بعض الأفراد من ذات الجماعة قدموا نصائح قيمة لها، ومن أهمها عدم المجازفة غير المحسوبة والاستعجال للقفز على السلطة لأول فرصة سانحة، وإن كانت غير رابحة، والنتائج تترى منذ خمس سنوات وأكثر.

 

فالجماعة التي فقَّهت أفرادها على التزهد في الحكم والبقاء بين الشعب في راحته وتعبه، تُفاجأ مرة واحدة بأنها حكمت مصر وفق نظرية سحرة فرعون على ملئه، فتراءى لهم سرابه ولم يلغوا مداه، حتى وصلت الحبال إلى بعض الأعناق التي زعقت في ميدان التحرير وغيرها من أماكن التماس التي وقعت فيها المذابح التي لا تغتفر لهم، لقد كان «الإخوان»، لو أدركوا غدر الزمان، في غنى عن ذلك، وبقوا في حدودهم التي كان النظام الحاكم متساهلاً جداً معهم بالذات في عهد مبارك، إلا أنهم استسهلوا النتائج التي جاءت عليهم كحمم البراكين، وموجات الزلازل التي تخطّت المقاييس المعروفة عالمياً في شدتها، بموجة وطنية شعبية أخرى مضادة لـ «الإخوان» في الاتجاه وأقوى أثراً في النتائج الإيجابية التي أعادت مصر إلى أهلها وأحبائها في كل أصقاع الأرض.

 

هذا يوم زينة العرب بعودة مصر إلى وضعها الطبيعي، بل المأمول بعد وقوف العرب قاطبة معها في محنتها «الإخوانية» هو الأفضل، والمشاريع المستقبلية التي أرست قواعدها، ابتداء من توسعة قناة السويس وبناء العاصمة الجديدة لمصر، بمشاركة إماراتية، وغيرها من المشاريع التي تفتح على أبناء مصر أبواب الرزق، وقبل ذلك الأمن والاستقرار والأمان، فمصر بحق لا يجب أبداً أن تخرج عن محيط قوله تعالى (ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)، وإلا كانت عَرَضاً سهلاً للمتربصين بها الدوائر.

 

 

فمصر القلب بالنسبة للعرب، وكذلك نسيم الإسلام المعتدل من أعمدة الدين في الأزهر الشريف للمسلمين، وهي مقصد دين الاعتدال والسماحة وقبول كل الأديان، بلا مغالاة ولا تشدد أو تطرف يجر المسلمين إلى الخسران المبين.

 

فمصر بلد لا يستهان بقدراته البشرية أولاً، وقطنه الناصع البياض، ونيله القادر على تحويلها بساتين وجناناً، فشعب تعداده قرابة المئة مليون لا بد أنه أعظم من أن نطلق عليه بالعظيموالأهم من كل ذلك بأن «الإخوان» الذين زعموا أنفسهم يشكلون 20% من الشعب ذهبوا أو غرقوا في بحر 80%، إن صدقوا، وعند الحقيقة والواقع لم يمثلوا 2% من إجمالي الشعب الذي تخلص من النظام الذي كان سبباً في مشاكله السابقة، لم يقبل بنظام «إسلامي متطرف» في 30 يونيو لإزاحة الظلمة عن ليل مصر، والغمّة عن قلب الشعب الأصيل في الطيب.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه