2016-02-10 

الهوية الوسطية الإسلامية السعودية وآليات دفعها للخارج

مطلق بن سعود المطيري

الرياض - الاجتهاد في البحث عن معنى سياسي للمجتمع السعودي بكل مستوياته الفكرية، لن يفضي الا لتعريف واحد "شعب مسلم ثقافة وانتاجا وطموحا" تعريف عام قد تؤدي عموميته الى انتقاده داخليا ورفضه خارجيا، لاسباب مرحلية وليست دائمة، داخليا مفهوم التحديث مرتبك وأناني لا يفهم منه شيء ويريد ان يكون كل شيء، فالتطور الاجتماعي اقرب مايكون للتطور التقني، فكر آلي ينسخ الاحتياجات ولا ينتجها، وينتقد التراث الفكري لانه عجز عن نسخه تقنيا، فالليبرالية الحديثة جهاز نسخ للافكار وليس مدرسة فكرية لنقد الافكار وانتاجها، فالآلة تطورها مرهون بالقدرة على شرائها، لذلك الليبرالية فشلت بالتطور محليا لان تطورها مقترن بآلة الانتاج الخارجي وليس بحاجات المجتمع المحلي، فحتى تنجح على دعاتها ان يقنعوا المجتمع ان حرية الدين لا تعني عدم الالتزام بالدين، وذلك ما عجزوا عنه وسوف يستمرون بعجزهم، فهوية المجتمع بالاساس عقيدة وليس تقنية وسوقا يتنقل به المرء من بضاعة الى بضاعة..

خارجيا يُنظر الى انتقالنا من مرحلة الى مرحلة بشكل آمن، جاء بسبب البترول وما يوفره من مستوى معيشي جديد، وكذلك بسبب تحالفاتنا الدولية، إن صمدت تحقق لنا الاستقرار! لذلك تزيد وتنقص مساومتنا على امننا الداخلي وفقا لهذا الاعتبار: نلتزم بتقديم البترول للسوق العالمي بالسعر الذي يضمن استقراره من اجل حياة الانسان ورفاهيته في الداخل لكي لا يتأثر معيشيا وبالتالي يتغير سلوكيا، وتحالفنا الدولي يضفي علينا شيئا من القوة التي تمنع عنا محاولات الابتزاز الاقليمية.. لا الاسباب الداخلية ولا الخارجية كانت منصفاً لهوية المملكة حكما وشعبا، هل كان ذلك متعمدا او صنعته الصدفة؟

 

الا يكون الاسلام هوية لنا ليس عملا بريئا وبعيدا عن التعمد، التعبير عن هويتنا الاسلامية جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان اثناء لقائه ضيوف الجنادرية من كل مكان في العالم.. هو تعبير واضح يقطع الطريق على كل المحاولات التي تسعى لان تجعل هويتنا مرهونا وجودها بوجود الحليف المستفيد وبئر البترول الذي يغذي حاجات الناس..(التزام بالتمسك بالعقيدة وخدمة الحجاج).

 

النشاط السياسي السعودي الاخير المتمثل في بناء تحالفات اسلامية سياسية وعسكرية جاء تلبية لمتطلبات الهوية السعودية الاسلامية، وهذا التحرك الجريء يستلزم تقديم خطاب اعلامي يضفي على المجتمع السعودي صفته السياسية التاريخية، التي رسم الدين الحنيف لها حدود الولاء والانتماء فكل ما هو غير مسلم ليس سعوديا، فالملك عبدالعزيز طيب الله ثراه كان خادما لعقيدته وفارسا فوق ارضه، جذب لدولته العالم بفقه ديني مستنير يستطيع خلق مجتمع وسطي يتعاون وينافس وفق مقتضيات هويته الاسلامية، وكل آلية تتحرك خارجيا لرسم شكل هويتها لا تعبر عن مضموننا الاسلامي، تكون من التشوهات المرحلية التي يجب ان نتخلص منها.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه