2016-03-07 

شعب غير قابل للاستسلام

أيمـن الـحـمـاد

الرياض -  مع انطلاق الهدنة في سورية قبل أسبوع؛ تكون الثورة السورية بلغت عامها الخامس، تلك الثورة التي أُريد لها أن توأد في مهدها عندما اُقتيد 15 طفلاً من درعا إلى سجون النظام لتشتعل ثورة بلغ مداها كل الدنيا وتخلط أوراق الشرق الأوسط وأجندة الدول الكبرى، ولنكتشف أن هذا البلد الذي حكمه البعث منذ 1963م، ضاع في دهاليز حكم "أوليغارشي" مقيت، حيّد الجميع وانفرد بالبلد كعصابة مافيا.

 

كشفت الهدنة التي تولت أمرها روسيا حجم الدمار المادي والبشري الذي تركته خمس سنين لم يمر على الكون أبشع منها منذ الحرب العالمية الثانية، فصور الدمار تتحدث عن هول الجريمة التي اُرتكبت في هذا البلد التاريخي.

 

لكن الذي لم يُدمر ولم تفلح معه البراميل المتفجرة أو الأسلحة الكيماوية أو الصواريخ الاستراتيجية أو المليشيات العابرة للحدود أو التنظيمات الإرهابية هو إصرار الشعب السوري على الحرية، وعلى رحيل النظام الذي قتل منهم حوالي نصف مليون إنسان وهجّر الملايين، خرج السوريون ليراهنوا على وحدتهم بعد أن تناقلت وكالات الأنباء حديث لافروف وكيري عن تقسيم سورية وإمكانية ذلك، وكأن تلك القوى تريد تكرار الاجتماع السري بين مارك سايكس وفرانسوا بيكو، ولم يدركا أن زمن الاستعمار وترسيم الحدود ولّى، فلا أحد يستطيع اقتلاع الناس من أرضها؛ حتى لو أُجبرت على الرحيل فلا بد من عودة، ولا مجال حتى للرهان على الأقليات، وتلك لعبة خطيرة يتقنها المستعمر بامتياز الذي دائماً ما يحتضن الأقليات ليستغلها وقتما يشاء حتى تلك الأقليات لا ترى مستقبلها في دويلة تقام باسمها، وإن كان التقسيم متاحاً في تلك الفترة فقد كان بسبب سيطرة المستعمر الكاملة على تراب الدول، حتى وإن تحدثت أو توقعت أجهزة الاستخبارات في أميركا وفرنسا وغيرها عن شرق أوسط مختلف المعالم، فهذا لا يمكن أن تصنعه القوى الأجنبية، وإن باركت أو أيّدت جماعات أو قوميات أو عرقيات، أو أُحضر الإرهابيون ليلغوا الحدود بين العراق وسورية؛ إلا أن التاريخ يخبرنا قصصاً عن حروب اشتعلت لسنوات طويلة ولم يفلح أحدٌ في تغيير شاهد واحد من شواهد حدودها.

 

كان خروج الناس رافعين شعارات رحيل نظام الأسد الفاشي رسالة بالغة لكل من حاول الرهان على النظام وإنقاذه أو محاولة إبقائه أو حتى تأهيله، فلا مجال لنظام ترك في كل بيت سوري ثأراً معه، ولا لدول وكيانات تراهن على ترك موطئ قدم لها في سورية بأنه يمكنها أن تظل رغماً عن الشعب الذي لا شك أوصل رسالته بعد أن انقشع غبار القصف ودفن الناس شهداءهم ليعاود رفع شعاره "إرحل".

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه