2016-03-16 

أوباما أضاع البوصلة

عبدالله العلمي

العرب - الانتقادات العلنية والتلميحات المبطنة التي فاضت بها قريحة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمملكة العربية السعودية في مقابلة صحافية جاءت مخيبة للآمالبغض النظر عن وقوع الرئيس الأميركي في فخ الصحافي اليهودي جيفري غولدبرغ الذي أجرى المقابلة، فقد كشف أوباما عن وجهه الحقيقي عن تصوره لما أسماه “سلبيات تقديم الدعم التلقائي للسعوديين وحلفائهم”.

 

ليس من المستغرب أن نسمع مثل هذه التصريحات الغريبة من رئيس دولة ليس له في هذا العالم صديق. هذه ليست أول مرة يفقد فيها الرئيس الأميركي اتزانه عن سبق إصرار وترصد، فهو قد أعلن في 30 أغسطس 2013 رفضه شن ضربات جوية في سوريا. جاء هذا الرفض بعد تأكيده، عدة مرات، للسعودية ودول الخليج قناعته بأن الحل في سوريا يأتي عبر الإطاحة ببشار الأسد.

 

أما لوم الرئيس أوباما السعودية (ولو تلميحا) أنها خلف تشجيع وتمويل داعش، عبر تسريبها المال وأعدادا كبيرة من الأئمة والمدرسين (كما قال)، فهو أمر خطير ومعيب أن يصدر عن رئيس دولة من المفترض أن يكون عالما بخبايا الأمور. لا شك أن “نشوة” الوقوع في مصيدة الاتفاق النووي مع إيران قد أطاحت بما تبقى للسيد أوباما من منطق.

 

غولدبرغ هو الآخر أدلى بدلوه (وربما هو يكرر ما سمعه من الرئيس أوباما)، أن الدول العربية الغنية بالنفط، سعت لشراء الأفراد والمؤسسات بجشع وبلا خجل. هذه سقطة صحافية وأخلاقية لا نستغربها من الإعلام اليهودي المسيطر على السياسة الخارجية الأميركية. ربما على غولدبرغ أن يتذكر أن سياسة واشنطن، برمتها، قائمة على شراء الأصوات في الانتخابات الأميركية عبر منظمة (إيباك) الإسرائيلية، والتي يجب أن تبارك للرئيس الأميركي المُنتَخَب قبل توليه دفة القيادة.

 

الأمير تركي الفيصل وجه نقدا للرئيس أوباما أوضح فيه أن المملكة العربية السعودية شاركت واشنطن بمعلومات استخباراتية أدت إلى منع هجمات إرهابية قاتلة على أميركا. ذكّر الفيصل أوباما بأن السعودية هي من بادرت إلى عقد الاجتماعات التي أدّت إلى تكوين التحالف لمحاربة (داعش)، وأن السعودية هي من تدرّب وتدعم السوريين الأحرار، الذين يقاتلون الإرهابي بشار الأسد والإرهابيين الآخريننعم يا سيد أوباما، السعودية هي من قدمت أبناءها شهداء لمكافحة الإرهاب والقضاء على الإرهابيين الذين هاجموا قنصليتكم ومواطنيكم في السعودية.

 

لم ينس تركي الفيصل تذكير أوباما بأن السعودية هي الممول الوحيد لمركز مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، الذي يجمع القدرات المعلوماتية والسياسية والاقتصادية والبشرية من دول العالم. هذا ليس كل شيء، بل ذكّر الفيصل أوباما بأن السعودية هي من تشتري السندات الحكومية الأميركية ذات الفوائد المنخفضة التي تدعم الولايات المتحدة، وأن السعودية “تستضيف أكثر من ثلاثين ألف مواطن أميركي، وبأجور مرتفعة، لكي يعملوا بخبراتهم في شركاتنا وصناعاتنا”.

 

ربما أن السيد أوباما لم يتعلم الدرس، فالسياسة السعودية لا تغرّها الأضواء الإعلامية وجعجعة سيرك الصحافة. لعلي أذكّركم فخامة الرئيس بالوقفة الصلبة للملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، عندما أمر السفير الأميركي في السعودية في عام 1988 بمغادرة البلاد بسبب الاحتجاج الوقح للسفير على صفقة الصواريخ الصينية بين الرياض وبكين.

 

وكأن تهجّم أوباما على السعودية لا يكفي، فها هو القنصل الأميركي في البصرة ستيف ووكر يزور جرحى الحشد الشعبي الإرهابي ويؤكد لهم “الولايات المتحدة وإيران تعتزان بكم وتؤيدانكم”. أما تلعثم أوباما عندما سأله غولدبرغ إذا كان السعوديون مازالوا أصدقاء للولايات المتحدة، فهو دليل على أن أوباما قد أضاع البوصلة، تماما كما أضاع خطوطه الحمراء الوهمية.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه