2016-04-12 

توبة في إمارة حماس

أحمد فايز القدوة

الحياة - بدايتها دماء واقتتال وآخرها توبة. توبة من نوع آخر تدخلنا إلى الجنة وتنقلنا إلى عالم آخر لا يشبه أي عالم في محيطنا العربي والإسلامي. توبة على مقاس حماس وشيوخها وقادتها، بدأت من أطفال في مدرسة إعدادية، وقد لا تنتهي عند الكبار الذين ذاقوا ويلات سجن غزة الكبير.

 

لا نفهم طبيعة التوبة التي يُروّج لها قادة وشيوخ حماس في قطاع غزة. هذه التوبة بدأت من أطفال مدرسة إعدادية في القطاع المحاصر. ويبدو أنها توبة تشبه تلك “العفة” التي صاحبت خطابات الحركة الإخوانية قبل فوزها في ثاني انتخابات تشريعية تجرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة. بعد نحو تسع سنوات على سيطرة حماس على غزة، يخرج علينا شيوخ يوزعون صكوك الغفران على أطفال في مدرسة إعدادية بقطاع غزة. شيوخ يفتحون “باب التوبة” لدخول الدين الجديد وهزيمة “الشيطان”.

 

أي شيطان هذا المزروع في أجساد الأطفال الصغار، وماذا يعرفون عنه لتقوم وزارة الأوقاف التابعة لحركة حماس بنزعه من أجسادهم؟ هل تعتقد حماس أن الأطفال كانوا خارج الملة والمذهب والدين، واقترفوا ذنوبا كثيرة وعليهم أن يتوبوا منها. بكل تأكيد إن ذنبهم الوحيد هو أنهم أسرى عقول متحجرة تحكم إمارة حماس في غزةحماس تمادت في طغيانها بغزة، مستخدمة عصا السلطة الغليظة لكتم أصوات المعارضين لحكمها وسجنت الكثير منهم. والآن تطلق يد شيوخها لـ“تكفير” الآخرين وإصدار فتاوى الحلال والحرام. شيوخ وأئمة يعتقدون أنهم يمتلكون الوسيلة لإدخال الناس الجنة وإخراجهم منها.

 

ما هذا الهراء الذي يجوب شوارع غزة ومدارسها الإعدادية ليجعل الأطفال يصطفون في طوابير لاحتضان “شيخ مجهول” يعلن في ما بعد “توبتهم”. التوبة لمن وممّن ولماذا؟ ماذا جنينا من خطاب “العفة” الذي تبنته الحركة قبل مجيئها إلى السلطة. السلطة التي قالوا عنها سابقا إنها “فانية”، لكننا اليوم وجدناهم أول من تمسك بها حتى النهاية. طبعا نهاية دامية حملت أوجاعنا من الاحتلال إلى وجع قاس ومرير بين الأخ وأخيه.

 

لن نبالغ إن قلنا إن حماس أكثر من مجرد حركة مقاومة، هي مشروع يتجاوز الحدود لإقامة ما أقامه تنظيم الدولة الإسلامية. الحركة وضعت بنيان “إمارتها” بدماء الفلسطينيين الذين سقطوا في معركة السلطة والآن تفتح باب التوبة. ولكنها توبة خارج إطار حروبها الفاشلة.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه