2016-04-28 

«أنا شاب.. أنا أخو محمد بن سلمان»

مصطفى الأنصاري


الحياة -  الإثنين الماضي عاش جيل الشباب السعودي - على الأقل - «صدمة إيجابية»، هرمت لأجل لحظتها فوارق رؤوسهم. كان مفعول الإيجابية فيها والروح الشبابية لوحده كافياً أن يبني الشاب السعودي قصوراً من الآمال والأحلام، ومدناً من الزهو بالوطن والذات، أن كان محمد بن سلمان من جيلهم. حتى نسي بعضهم لوهلة أن «الأمير الطموح» يتحدث عن السعودية التي يعرفها الشباب، ويبحثون عن لحظة الهرب منها، كلما صادفوا غفلة من العمل أو الدراسة أو التزامات العائلة.

 

شيئان فعلهما الشاب وكانا يكفيان، ليقول له شباب بلاده «نحن معك»، «نفخ فيهم الروح الإيجابية»، ثم «كتب لهم» رؤية، طبقت أو لم تطبق. عرفها الكل، وباتت مثلاً لا بد أن يظل قضية وحلم كل شاب حي. وحتى أولئك الذين في بطون أمهاتهم. سيجدونها مكتوبة. هذا على أسوأ الاحتمالات. حقاً، لدى كثير من المفكرين رؤية لما ينشدونه لوطنهم، وأمثلة حية في بلدان آسيوية وغربية، نهضت في فترة قياسية من صفر، هوّته أبعد من واقع المملكة، إلا أن أحداً لم يجرؤ ولم يكتب تلك الرؤية، وأنزلها بالأمثلة والشواهد المنطقية، والوقائع المعروفة على أرض الواقع.

 

مرات عدة طلب مفكرون سعوديون مثل الدكتور خالد الدخيل أن يكتب دستور المملكة المستوحى من الكتاب والسنة، منزلاً بتطبيقات أكثر وضوحاً على الواقع. وها هو اليوم محمد بن سلمان، «كتب دستور النهضة السعودية»، في الجانب التنموي. لكن هذه الفرضية ليست صحيحة. فرضية أن الرؤية حلم، وأنها غير ممكنة التطبيق. أو أن السعوديين غير قادرين على التكيف معها. إن الروح التي نفخها الأمير في شباب وطنه قادرة على فعل كل شيء. مثلما قال أحدهم في أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «أنا شاب. أنا أخو محمد بن سلمان»، كأنه يقول: هو الأيقونة، لملايين يشكلون فتيان البلد. بنين وبنات. نحن مثله في عزمه وتطلعه وطموحه ورؤيته.

 

نعم كل الشباب العرب مثل محمد بن سلمان. إن أولئك الشباب ما رفعوا اللافتات في كل أصقاع المنطقة قبل بضع سنين، إلا نشداناً لرؤية، أو «دستور نهضة» كما أسميه، الذي كتبه الرجل. قبل أن تجرفهم التيارات والمؤامرات. حتى غدا ما كانوا يسمونه ربيعاً، أنهاراً من الدماء، والانهيار والخراب. لكنهم لم يجدوا أرضاً كالتي يملك محمد بن سلمان وإخوته الشباب. ولا ملكاً وولي عهد يعضد طموحهم ورؤيتهم. كل شاب عربي يتمنى في وطنه اليوم محمد بن سلمان ورؤيته. أما المحور الثاني فما يسند واقعية الرؤية غير الأرضية البشرية، وهي «البنية التحتية». إن الرؤية لم تنبت من أرض جرداء، كالتي تسلمها كوان لي يو في سنغافورة قبل 50 عاماً، (أتمنى أن يقرأ مذكراته كل المحبطين. مترجم من دار العبيكان). ولا فيافي وقفاراً كالتي أسس عليها جد الأمير الملك عبدالعزيز الدولة السعودية الثالثة. لقد أطلقها في دولة تملك «كل مقومات النجاح»، ولا ينقصها سوى شيء من «روح الإرادة» التي تجددت الآن.

 

لقد وثق الأمير خالد بن سلطان بروح شبابية أيضاً في كتابه «مقاتل من الصحراء»، حجم ما يمكن للشاب السعودي أن يعمل حينما تتاح له الفرصة. وأبرز في نديته قائد أقوى دولة في العالم، معنى أن تكون تستند إلى مقومات دولة مثل السعودية. ملكاً وأرضاً وشعباً.

 

يومها وثق في مذكراته أنه على رغم أن أكثرية الجند أتوا من خارج المملكة، إلا أن هذه السعودية التي تستنجد بحلفائها لتحرير دولة جارة، هي أيضاً مثيرة للإعجاب. هل فكرنا في الموانئ والطرقات والتموين، وكل البنية التحتية، التي حملت أولئك الحشود ومعداتهم إلى السعودية، في ظرف قياسي. إن الأمير وجيله الشباب، ما ينشدونه ليس حلماً، بل هو توظيف منطقي جداً وواقعي، لعشرات السنين، من التعليم، والعمل الجاد، وبناء المدارس والجامعات، والبعثات، وبناء المطارات العسكرية، وتخرج آلاف الضباط المحترفين الذين يثيرون الاعجاب، باحترافهم، وعقيدتهم القتالية، التي وثقها كثر في الميدان. بقيت شريحتان يتوقع منها ألا تكون سلسة مع «دستور النهضة» الجديد، إلا أنها بمصطلح الأمير نفسه، ستبتلعها طموحات الشباب. الشريحة الأولى، هي التي اعتادت عملاً أقل بمميزات أكثر، واسترخاء أكبر، بمقومات شخصية أقل. ويمكن تسميتها «شريحة الريع»، وهذه هي الأخطر لأن الدول الملكية مثلما يتردد ذات رصيد رائع من عدم الرغبة في «تحميل شعوبها ما لا تطيق». هذه الشريحة يمكن لجيوش الشباب مع الأمير محمد بن سلمان إقناعها، بأن الأميركيين على سبيل المثال دولتهم أغنى من كل قارة آسيا سوى الصين. ومع ذلك يعملون نحو 16 ساعة في اليوم. الرجل والأم. ليؤمنوا حياة سعيدة لأنفسهم وأطفالهم. ويبنوا وطناً يملأ داخلهم فخراً واعتزازاً.

 

الشريحة الثانية، أمرها سهل جداً، ولدى الدولة خبرة واسعة في تحييدها، لأنها أقلية حتى وإن كان صوتها مرتفعاً، هي «المثبطون باسم الدين»، ودائماً كانوا لحسن الحظ أقلية بين العلماء والمفكرين والمصلحين. واستطاعت الدولة في كل عصورها، أن تستخدم معهم أسلوبي الثواب والعقاب، حتى تمضي التنمية.

 

أما المتضررون من الإصلاحات، من ذوي النفوذ والسلطة والمال، ففي ظن الكثيرين، أن لغة الأمير لا تبقي لمخاوفهم كثير وزن، فهم أصلاً سيكونون المستفيد الأكبر من الاستثمارات والخصخصة، ورؤوس الأموال التي ستدخل البلاد، وسيجدون بدل الفرصة الواحدة الآن ألف فرصة، إذاً هم أيضاً ليسوا مشكلة.

طوبى لنا. نحن معك. هكذا قال الشباب.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه