2016-05-04 

قلق الحرية في يوم الصحافة

أيمـن الـحـمـاد


الرياض - قلق الصحافة مستمد في الأساس من قلق علم الاتصال الجماهيري، فهذا الحقل لم ينفك يبحث عن خصوصية تحرره من تبعيّته للعلوم التي نشأ فيها وخرج من رحمها وعجز أن يغادر حضنها، فغدا له في علم النفس والاجتماع والسياسة واللغة وغيرها شأن يرويه ويكتبه الباحثون والممارسون على حد سواء.

 

بالنسبة للممارسين من الصحافيين والإعلاميين بوجه عام هناك قلق واحد وجدلية واحدة تسيطر على أجندتهم ألا وهي الحريات، فإشكال الحرية متلازمة لا تغيب عند الحديث عن الإعلام، وهذا النوع من «الديالكتيك» موجود حتى في أكثر الدول احترافاً واحتراماً للصحافة، فالحرية محور الإعلام الذي أصبحت الصحافة مرادفاً له والمتحدث باسمه.

 

في نطاق عالمنا العربي يشتد الحديث عن العلاقة بين الصحافة والحرية، وهذه العلاقة يحكمها متغيرات عدة أبرزها المتغير السياسي، إذ إن للصحافة دوراً رقابياً واستجلائياً للحقائق، وهذا الدور يرتبط به؛ ضرورة الإفصاح عن تلكم الحقيقة وذلك لاستكمال دور الصحافة، ولأن احتمالية أن تزعج تلك الحقائق أو تتقاطع مع مصالح ودوائر حساسة ودقيقة يكون الحجب مآلاً محتملاً لها في بعض الدول، ولأن المنع أو الحجب قرار يمس محور الإعلام أو الصحافة ويتعارض مع هدفها الأسمى، كان ولا بد من سلطة لفرض هذا القرار الذي لا يستطيع أحد إصداره إلا السلطة السياسية بمسوغات متعددة.. فمعركة الصحافة والسياسة قيل عنها وروي ونُظّر حولها وأُلف الكثير.

 

وقد تُطرح التقنية اليوم كعامل يستطيع إسقاط أو التقليص من صلاحيات الحجب، لكن ما مستوى الثقة التي يضطلع بها ما يصدر عن التقنية، أليست الريبة والشك يشوبان الصحافة الهلامية التي لا تعرف من أين تبث أخبارها؟ صحيح أن التقنية فتحت الباب واسعاً أمام صحافة المواطن، لكن هل نثق بها هي الأخرى؟ هل الفضائحية هي جزء من الحرية التي نرتضي ممارستها علينا أيضاً؟

 

الحرية وعلى مستوى العالم العربي بالتحديد قد لا تكون هي القلق الوحيد الذي يجب أن يعيشه ممارسو الإعلام.. أليس من الضروري أن نقلق أكثر لمحتوى يشكو هُزالاً مضامينياً؟ لماذا نثق في الصحافة الغربية، أليس ما يجذبنا هو تماسك المحتوى، وموثوقية المصدر في الغالب الأعم؟ صحيح أن مدخل الحرية الإعلامية في الصحافة الغربية قد يكون عنصر جذب، لكن المضمون في أساسه مطابق لمواصفات صارمة.

 

إن حقيقة أن كل شيء صالح للنشر أسطورة، حتى في الإعلام الغربي هناك محاذير، أميركا حيث «التعديل الأول» وحيث قال الرئيس توماس جيفرسون مقولته الشهيرة: «حريتنا تعتمد على حرية الصحافة، وإن قُيّدت فإنها تضيع»، وضع بوش الابن وبعده أوباما محاذير على نشر صور تدين الجيش الأميركي في العراق بدواعي الحفاظ على الأمن القومي.

 

للصحافة والسياسية أدوار تبادلية ومنافع مشتركة، ومسؤولية الصحافة البحث عن مضمون رصين، ومسؤولية السياسية حماية وتبني ذلك المضمون بغض النظر عن فلسفة الحرية.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه