2016-05-06 

تجفيف منابع الثورة بين داعش والأسد

ثائر الزعزوع

العرب - قبل عامين خرجت محافظة حمص التي تعتبر عاصمة الثورة السورية من معادلة الثورة وباتت تحت سيطرة النظام بشكل شبه كامل، إثر اتفاق هدنة اضطرت فصائل الثوار على توقيعه إنقاذا لما تبقى من مدنيين عالقين في المدينة التي تحولت إلى أثر بعد عين بعد أشهر من القصف الذي تعرضت له الأحياء التي شهدت أولى مظاهرات الثورة، من قبل قوات النظام والميليشيات الطائفية الموالية لها، وانسحبت فصائل الثوار إلى ريف حمص الشمالي، فيما تمت محاصرة المدنيين في حي الوعر، وما زالوا محاصرين هناك.

 

قبل ذلك استطاع تنظيم داعش، بتسهيلات كبيرة من قبل الحكومة العراقية الموالية لإيران، التسلل إلى المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية وأصبحت محافظتا دير الزور والرقة خاضعتين كليا لسيطرة التنظيم، الذي تمكن من إنهاء الثورة وإلغاء وجودها بعد أن شن حروبا ومعارك متواصلة ضد كتائب الجيش الحر التي كانت قد تمكنت من طرد قوات النظام وأقامت مجالس محلية لتسيير شؤون الناس. وفيما خرجت محافظة الرقة كليا من المشهد وأصبحت عاصمة تنظيم داعش في فرعه السوري، فإن محافظة دير الزور تم تقاسمها بين قوات النظام وتنظيم داعش، ولم تشهد خلال عامين تقريبا أي اشتباكات تذكر بين الجانبين، بل إن الوثائق التي انتشرت على نطاق واسع مؤخرا تؤكد أن التنظيم والنظام تجمعهما صلات تجارية وتبادل مصالح. ومثلما خرجت حمص من معادلة الثورة فقد أخرجت الرقة ودير الزور، وباتتا على حافة كوارث متلاحقة ليس أقلها الجوع والأمراض اللذان ينتشران بين أهلها المحاصرين، أو من تبقى من أهلها بين فكي الكماشة الداعشية الأسدية.

 

نتيجة لموجة العنف التي تعرضت لها شهدت المحافظات الثلاث حركة تهجير كبيرة، حتى أفرغت تقريبا من ساكنيها، ومن بقي هو بمثابة الأسير الذي لا يستطيع الحركة أو التنقل، فما بالك بإظهار معارضته للنظام أو للتنظيم أو تأييده للثورة.

 

ضمن هذا السياق لا يمكن فصل ما يجري منذ أيام في حلب، وحرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات النظام بالتعاون مع الحليف الروسي ضد عاصمة الاقتصاد السوري، عن مخطط تجفيف منابع الثورة، وإفراغ سوريا المتمردة من ساكنيها تمهيدا لإنشاء الدويلة العلوية التي تحدث عنها في فبراير الماضي وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، وقال إن روسيا تساعد الأسد على إقامتها، كما لا يمكن فصل مقترح الهدنة الذي روجت موسكو له عن فكرة إنهاء مظاهر المعارضة لنظام الأسد من المدينة، وقد تهدف إلى إخراجها هي الأخرى من الثورة، دون أن يمانع النظام وروسيا من ورائه أن يبقى تنظيم داعش مسيطرا على بعض المناطق، لأن الحالة في ضوء وجود داعش تفضي بالضرورة إلى اقتتال يستنزف القوى ويحول قوات النظام من خصم إلى متفرج كما هو حاصل حاليا في درعا جنوباً.

 

لا يمكن أن نغفل التواطؤ الأميركي الواضح في كل ما يجري، فقد ماطلت واشنطن في الرد على مشروع كانت قد تقدمت به المملكة العربية السعودية يقترح إرسال قوات برية لمقاتلة داعش داخل سوريا، بل سارعت إلى التوصل إلى اتفاق هدنة شكلية مع موسكو وقامتا بفرضه على فصائل الثوار الذين أعلنوا التزامهم بالهدنة، فيما استمر الطيران الروسي وطيران النظام في حصد أرواح المدنيين تحت ذريعة محاربة الإرهاب.

 

لا يمكن القول إن النظام نجح في إنهاء الثورة أو في القضاء عليها، لكنه استطاع كسب بعض الوقت لتدمير ما يمكن تدميره، وتحقيق حلم الدويلة، واستطرادا مساعدة إيران على التوغل في العمق السوري.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه