2016-05-10 

'بشت' الوزير حكاية يعرفها السعوديون

سارة مطر

يوم السبت يعتبر اليوم الأخير من الإجازة الأسبوعية التي يتمتع بها السعوديون، وبينما كان أفراد الشعب السعودي، يقضون هذا اليوم كالمعتاد في التنزه خارج البيت، أو في متابعة الدوري الأوروبي على القنوات الفضائية، كان الإعلان العاجل الذي ظهر على قناة الأخبار السعودية قد سبب ارتباكا بين الجميع، وأطلق تساؤلات لم تنته عن نوعية القرارات القادمة، فتحلق ما يقرب من 30 مليونا حول شاشات التلفزيون، استعدادا لما ستجيء به القرارات الملكية، وكما يعلم الجميع فقد جاءت القرارات التي تم الإعلان عنها في 7 مايو، متضمنة أوامر بإعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء السعودي وإلغاء مجالس وهيئات، وإصدار مرسوم بإحداث مجلس للشؤون السياسية والأمنية ومجلس للشؤون الاقتصادية والتنمية.

 

وإذا أردت أن تعرف رأي الشعب السعودي في هذه القرارات فما عليك إلا أن تتصفح حساب التواصل الاجتماعي تويتر، وستلفت انتباهك مشاركة الشعب في الوسم الذي غالبا ما يتصدر القائمة، ويمكنك حينها أن تتعرف على آراء مختلف فئات المجتمع السعودي والتي لم تكن تخلو من الشفافية، وكعادة الشباب السعودي المرح، لم يتوان الكثيرون عن التعليق والسخرية من بعض الهيئات التي تمّ استحداثها، فيما شدد البعض على أن الحكومة قد أحسنت اختيارها للوزراء الجدد، وتحديدا وزيري الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ووزير الصحة.

 

بعد أن انتهت الأوامر الملكية والتي جاءت بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة ويحقق التطلعات في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصاتها بما يرتقي بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم، جال في رأسي ما كتبه روبرت ليسي، في كتابه “المملكة من الداخل: تاريخ السعودية الحديث”، حينما دوّن في بداية سطور كتابه، قائلا “تعتبر السعودية أحد ألغاز هذا الكوكب المثيرة للبعض والمزعجة للبعض الآخر، لهذا السبب ذهبت للعيش هناك قبل ثلاثة عقود مضت”. كان الأجدر بليسي أن يعود مرة أخرى للعيش مرة أخرى في السعودية، لأنه سيتمكن من إصدار أكثر من كتاب عن التحولات في المملكة، خاصة بعد طرح رؤية المملكة 2030. ليسي بدا مفتونا بكل ما يتعلق بالمملكة، ولكن ما قام بتدوينه سيكون مجرد ثروة قديمة، لأن المملكة تعيش حاضرا ومستقبلا مختلفين.

 

ولكن بما أن الشفافية مطلب مهم في تقييم ما يحدث، فأنا أجد مثلا أن التغيير الدائم للوزراء لا يمكن أن يكون في صالح الوزارة أو حتى في صالح المنتفعين من المواطنين، فكل وزير يأتي وأمامه ملفات لا حصر لها وعليه أن يعمل على إنجازها وإتمامها، لكنه لا يمكن من الوقت الكافي لحل المعضلات التي خلفها سلفه، ويبدو أن الأمر يحتاج إلى عصا سحرية، لكي يقوم الوزير الجديد في ظروف صعبة وأيام معدودة، بحل جميع المشاكل البارزة على السطح بطريقة أهل الكهنوت، بدلا من الواقعية وتنظيم الملفات وإيجاد الحلول بفرضية زمنية معقولة، فلا يمكن أن يتولى أي وزير وزارته الجديدة من دون أن يبحث في الملفات التي لم تغلق حين غادرها الوزير السابق، والأمر يحتاج إلى وقت طويل لكي يحدد الوزير الجديد رؤيته القادمة.

 

يعتقد المواطنون أن تغيير الوزراء يأتي حاملا معه الكثير من التفاؤل، لكن في الحقيقة إن هذا التغيير ربما يكون إضافة أعباء على العاملين في أي من المشاريع التي تمت الموافقة عليها من قبل الوزير السابق، وتتوقف حينما تنتقل الوزارة إلى الوزير الجديد. وأتصور أنه على أي وزير يتولى أي حقيبة وزارية أن يبقى فيها لفترة معقولة، حتى يستطيع أن يقوم بإكمال الخطط التي طرحها، من أجل أن تعمل وزارته وفقا لطريقته المهنية. وعلى الرغم من أن إعفاء عدد من الوزراء جاء نتيجة لأخطاء ارتكبوها، وثار عليهم المواطنون بسبب عدم وعيهم بما يعانيه المواطن، إلا أن هناك أمرا علينا أن ندركه مع التطورات الحديثة في المملكة، وهو أن الحكومة السعودية بدأت تدرك مدى أهمية الاستماع لصوت المواطن، وتحاول أن تتبنى مشاكله المطروحة، في حين أنها لا تزال غير واعية بأن تغيير الوزراء المستمر، لا يمكن أن يكون مناسبا لكثرة المشاريع المتعثرة، والتي خلفها الوزراء أثناء إعفائهم من مناصبهم.

 

وزارة الصحة ووزارة العمل التي تم دمجها مؤخرا مع وزارة الشؤون الاجتماعية في وزارة واحدة، أعتقد أنهما أهم وزارتين في المملكة، وعليه يتوجب أن يكون اختيار الوزراء فيهما مبنيا على عدد من المواصفات، التي يجب أن يتصف بها الوزير من دون مجاملة أو تفضيل، لكننا نفاجأ بأن هذا القطاع المهم وهو قطاع الصحة، قد توالى عليه عدد من الوزراء خلال فترة وجيزة لا تتجاوز العامين، ففي عام 2014 تم إعفاء عبدالله الربيعة من منصبه، وخلفه عادل فقيه، وعقب ذلك تولى الوزارة خالد الفالح إلى جانب رئاسته لمجلس إدارة أرامكو السعودية، وأخيرا أعفي من منصبه ليتولى توفيق الربيعة وزارة الصحة بعد أن أعفي من وزارة التجارة، التي أبدع ونجح في إدارتها بصورة أعجب بها الجميع، حيث كان الربيعة منغمسا في العمل لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وانتقل خالد الفالح ليتولى وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، والتي طالما كنا نأمل بأن يتولاها لإيماننا بتاريخه في إدارة شركة أرامكو النفطية.

 

ولا نزال ننتظر الجديد من الوزراء الجدد، من دون مبالغة في التوقعات بأنهم سوف يصنعون المستحيل خلال عام أو عامين.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه