2015-10-10 

غيض من فيضك يا عراق

آريل اللامي

تشربت العراق حبا عبر موروثها الثقافي حتى أنني تجولت في شارع المتنبي وتوقفت لإرتشاف الشاي المخدر في مقهى الشابندر العتيق حيث عمدت أن أطيل المكوث علي أغنم بلقاء قاريء المقام العراقي رشيد القندرجي فيغني لي مطلع قصيدة الشاعر كاظم الأزري:أي عذر لمن رآك ولاما–عميت عنك عينه أم تعامى مشاعر عميقة تشكلت عبر السنين رغم أن قدماي لم تطأ أرض الفرات قد يكون مبعثها زيارة يتيمة لوالدتي في أواخر سبعينات القرن الماضي والتي أطالبها على الدوام بإعادة سردها رغم أني حفظت قسمات وجوه الماره وما اعترى الرحلة من ذكريات . ولأن السواد الأعظم من المجتمع الغربي تعرف على العراق كأرض رباط تستفتح بها نشرات الأخبار بدءا من الحرب العراقية – الإيرانية ووصولا للحرب العالمية ضد داعش كان لزاما ألا تستحوذ الثكنات العسكرية وصور الإنفجارات الدامية على المخيلة وتنسف مظاهر الحياة النابضة بالحب والتواقة إلى العيش المشترك وهذا ما دعى القنصل الفخري الأسباني إلى دعوة "الوزير المفوض"معالي القنصل العام لجمهورية العراق في ديترويت , عميد السلك القنصلي للدورة الحالية بمجالس القناصل في ولاية ميشقن الأستاذ المنهل الصافي إلى محاضرة أكاديمية تظهر الوجه المشرق للعراق فكانت أمسية تعريفية مدعمة بصور كبوابة عشتار التي تذكرنا بالحضارة البابلية السباقة للشرائع والحضارة وتارة أخرى ينقلنا ضيفنا الكريم إلى صورة حميمة لجده وثلة من أصدقائه يحيطون به يجمعهم حب الأرض والتغني بالأهازيج الشعبية دون أن يحاول أحدهم خلخلة الصف بالتفكر في إختلاف مرجعياتهم الدينية أو إنتمائاتهم السياسية.. كان الحضور طامعا في الإستزادة فانهمرت الأسئلة من كل حدب وصوب بغية التعرف على هذا البلد العظيم بشهادة ابن من أبنائه وهذا مالايتنسى الحصول عليه عبر عدد من وسائل الإعلام الموجهة .. أحد الطلبة سأل عن إمكانية العمل المشترك بين أطراف الحكومة العراقية في ظل إختلاف توجهاتهم فكانت الإجابة محنكة بأن الأفراد متغيرون لكن الوطن باق وأنهم يعملون بجد من أجل المصلحة العامة تاركين خلفهم أية حزازيات وضرب القنصل مثالا محسوسا حين يلعب المنتخب العراقي تلهث الألسن له بالدعاء ليعطي أفضل ما لديه وما إن يفوز حتى تعم الشوارع فرحة لا مثيل لها في لحمة وطنية فريدة ولا يتم التنقيب عن جذور اللاعب ومعتقده لتحقق الغاية الرئيسة .. تم تمديد اللقاء لساعة إضافية ومازال في جعبة الأستاذ المنهل الكثير ليخبره عن معهد الحضارات .. إنتهى محفلنا الثقافي لكن الدعوات لم تنقطع لهذا البلد العظيم بأن يعود كما كان منارة للعلم والأدب وأن يكون قرار رفع حظر التجول باكورة خير لتعود أجواء السمر في أبو نواس ويلتف البغداديون على المسكوف دون أن يعكر صفوهم برابرة يعادون الفطرة السليمة ..

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه