2016-05-22 

من أين جاءت فكرة "رؤية السعودية 2030"؟

من الرياض غانم المطيري

لاتزال "رؤية السعودية 2030" تسيل حبر المحللين والخبراء الدوليين، نظرا لحجم وعمق التحول الذي ستدخله على الاقتصاد والمجتمع السعودي خلال سنوات، وخافصة لأن هذا التحول رافقته تعديلات وزارية في أكثر الحقائب الوزارية الحساسة في المملكة العربية السعودية في إنتظار أن تكشف برنامج  التحول الوطني بعد أيام عن ملامح أخرى للوجه الجديد الذي ستظهر به السعودية.

 

وحتى وقت الاعلان عنه بعد غد يحظى برنامج التحول الوطني بإهتمام كبير لدى السعوديين الذين ينتظرون مزيدا من التفسيرات حول الآليات التي ستصدر عن هذا البرنامج والتي من المنتظر أن تزيل بعضا من الغموض حول عدد من النقاط في عملية التحول الكبرى.

 

ويضاف الى ذلك أن البرنامج يمثل محور وركيزة أساسية يبني عليها ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان آمالا كبيرة في تطبيق رؤيته للسعودية حتى مطلع 2030.

 

ولأن رؤية السعودبة 2030 رؤية شاملة وطموحة فقد تطلب لتنفيذها تعديلات وزارية عميقة حيث إنتهت حقبة وزير النفط الثمانيني على النعيمي الذي يتولّى مسؤولية سياسات الطاقة في المملكة منذ العام 1995 على رأس وزارة النفط ليخلفه خالد الفالح الذي سيضطلع بمهام وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية الحديثة الإنشاء.

 

كما سيضطلع ماجد القصبي بمهام وزارة التجارة والاستثمار التي أُنشأت حديثاً أيضاً.

 

وأخيراً عُيّن أحمد الخليفي بمنصب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي للمملكة العربية السعودية). 

 

 تعديلات لم تأتي من فراغ ولا هي وليدة  تحليل مزاجي بل هي نتاج لنظرة ذكية وإستشارية حيث مركز الشرق الاوسط للسياسة والامن أن هذا التعديلات و التوجيهات الاقتصادية الجديدة في المملكة مستمدة في جزء كبير منها من تقرير وضعته شركة ماكينزي للاستشارات الإدارية والاقتصادية العالمية.

 

وهو امر يتأكد أكثر من خلال تصريحات ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي أكد في مقابلة مطوّلة أجرتها معه  مجلة ذي إيكونوميست في يناير أن "ماكينزي تشارك معنا في الكثير من الدراسات".

 

وما يعزز هذا الطرح أكثر هو أن تأكيد وكالة بلومبيرغ الإخبارية أن الشركات الاستشارية سوف تكسب 12 بالمئة إضافية من العمولات في المملكة العربية السعودية هذا العام لقاء الاستشارات التي تقدمها للسعودية ، وهو أسرع نمو تشهده الأسواق الاستشارية العالمية، كما أنه  وبحسب صحيفة ذا فايننشال تايمز، فإن رجال أعمال سعوديين قد أطلقوا على وزارة التخطيط أسم "وزارة ماكينزي" بهدف الدعابة.

 


ويتضمّن تقرير ماكينزي الذي صدر في نهاية العام الفارط بعنوان: "Moving Saudi Arabia’s economy beyond oil" (نقل الاقتصاد السعودي إلى ما وراء النفط).

 

وتوصف بأنها خطة طموحة من أجل التحوّل والتنويع الاقتصادي في المملكة في المجالات غير النفطية. 

 

ويبدو أن  بن سلمان قد إستوحى منها الكثير حيث  تقدم الرؤية والتقرير وصفات سياسية متشابهة لتنويع اقتصاد المملكة في المجالات غير النفطية.

 


لكن التحدي أمام هذه الخطة الطموحة وفق ما يؤكده عادل عبد الغفار الخبير في الاقتصاد السياسي في مركز بروكنجز وجامعة قطر هي كيفية تقبل المواطن السعودي الذي اعتاد منذ فترة طويلة على سخاء الدولة الذي يشمل دعم الوقود وتقديم القروض والأراضي المجانية والوظائف في القطاع العام لإجراءات تطالبه بالتنازل عن هذه المكتسبات وبالتعويل على ذاته في بناء حياته وبالمساعدة في بناء السعودية الجديدة خاصة وأن الاستياء بدا جليا على المجتمع السعودي بعد أن  ارتفعت أسعار البنزين والكهرباء والماء.

 


هذا الاستياء هو نذير أمور أخرى في المستقبل.

 

وسوف تبيّن الشهور والسنوات القادمة كيف ستقوم القيادة السعودية بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تشدّ الحاجة إليها من دون إقصاء الشعب أو إشعاره بالنفور.

 

صحيح أن النتائج لا تزال غير مؤكدة، إلا أن أمراً واحداً هو مؤكّد وهو أن المستشارين سيستمرون بالتوافد إلى المملكة العربية السعودية للعمل على أكبر المشاريع التحوّلية على الإطلاق.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه