2016-10-06 

#رؤية_السعودية_2030 ومحور رأس المال الاجتماعي

محمد الفهيد

رغم استراتيجية الرؤية العميقة وشموليتها المترامية في المملكة والتي تبنتها الحكومة السعودية وقدمها سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع إلا أن المرتكز الاجتماعي هو الأهم والأساس في تحقيق هذه الرؤية من خلال رأس المال الاجتماعي والذي كان الهدف من خلاله الارتقاء بالمؤشر الاجتماعي من المرتبة ٢٦ الى المرتبة ١٠ وإلى الأفضل في مصاف الدول ذات رأس المال الاجتماعي المتراكم و الفاعل والمؤثر في العملية التنموية والاقتصادية وهو الوقود الرئيس في تحقيق هذه الرؤية الطموحة والجبارة .

 

 

ويقصد برأس المال الاجتماعي كما عرفه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي " مجموعة العلاقات والروابط الاجتماعية التي تنمو في إطار شبكة اجتماعية معينة تحكمها عدد من القيم والمعايير كالثقة والاحترام المتبادل والالتزام والتعاون" ؛ ويعده البنك الدولي المنطقة المهمشة أو غير المكتشفة من قبل المؤسسات والأفراد وقد زاد الاهتمام به من لدن المؤسسات الدولية الإنمائية في العشرين السنة الأخيرة لأهميته بجانب رأس المال المادي والثقافي ؛ وهو يتميز بشبكيته الأفقية في المجتمع ويختلف على قياسه بأدوات القياس الكمية أو النقدية وهو تراكمي من خلال تناوب الأجيال في تنميته والحفاظ عليه ومن أهم سماته هو الثقة المتبادلة بين الأفراد الأمر الذي يولد التعاون الجماعي والتنمية المستدامة له بدعم الدولة والمؤسسات الحكومية من خلال ضمانه اجتماعياً والتعاون التشاركي من قبل القطاع الخاص ومساهمته في إطار المسؤولية الاجتماعية ويقوم رأس المال الاجتماعي على أسس جوهرية هي التطوع والتواصل والتعاون ولا يتم إلا بمؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التطوعية بما يسهم في إنمائه كالمراكز الاجتماعية والهيئات المهنية والمبادرات الفردية أو المؤسسية في المملكة التي تسعى لجعل الفرد منتجاً في مجتمع داعم ومتماسك وفاعل.

 

 

ففي ظل النزعة الفردية التي أطلت على المجتمعات المتقدمة والجشع الرأسمالي للشركات وإن كانا بشكل أقل نسبياً في المجتمع السعودي فإن الرؤية أتت لتحصن وتنمي رأس المال الاجتماعي في المملكة وتجعل منه محركاً هاماً لتنفيذ هذه الرؤية..

 

 

 إن نمو وتماسك رأس المال الاجتماعي هو بلا شك يؤثر في العملية السياسية من خلال الاستقرار السياسي وأداء فعّال للحكومة ومرونة في الأداء السياسي بالثقة المتبادلة بين صناع القرار والمواطنين ، ومن الناحية الأمنية أيضاً يسهم في الاستتباب الأمني بين أفراد المجتمع بالتعاون ضد المخلين بالأمن من جهة ومن جهة أخرى وقاية المجتمع من الاخلال به؛ وحتى من الناحية الاقتصادية _وهي الأهم في الرؤية_  نجد أن رأس المال الاجتماعي له تأثير مهم ومحوري في دفع العجلة التنموية والاقتصادية من خلال خفض تكاليف النقل و الضمانات والعقود التي تعرقل سير التنمية وتؤخرها وذلك بالتعامل المبني على الثقة وأداء الأمانة وحسن النوايا . 

 

 

 

رغم حداثة المجتمع السعودي وهذا ما قد يضعف رأس المال الاجتماعي إذا افترضنا شرط "التراكم الاجتماعي" عبر الاجيال إلا أن الشريعة الإسلامية المعمول بها قانوناً وشريعة وأعراف في المملكة هي سياج آمان لحماية راس المال الحالي ومحفز تطبيقي لإنمائه واستدامته فمن خلال الحديث النبوي "البنيان المرصوص" والآية الكريمة "واعتصموا بحبل الله" نجد أن هذه المبادئ القيمة والأصيلة حامية ومفعلة للتنمية المستديمة إذا استثمرت مع كافة أطياف المجتمع السعودي دون تمييز أو تطرف وأيضاً لا يمكن تجاهل التعاطف الاجتماعي السائد المبني على القيم العربية الأصيلة والتي أثرت النسيج الاجتماعي السعودي وميزته عن غيره من المجتمعات من خلال السجايا النبيلة والعادات الإيجابية المؤثرة في الترابط الجمعي .

 

 

وكما لايمكن التغاضي عن التأثير العميق والواسع لأدوات التواصل الاجتماعي التي أسهمت في تسريع النمو وتسهيل والتشاركية الإيجابية غالباً بين أفراد المجتمع السعودي وحيث أن المكون الغالب له من الشباب الطموح والمتمدن والذي يعد الوقود الأولي والبداية الحقيقية والهامة لتكوينه ؛ فكل هذه السمات التي تميز بها المجتمع السعودي هي سمات عالية الجدوى في نمو وإنماء رأس مال اجتماعي سعودي يحقق الرؤية الإستراتيجية بشكل متوافق مع ما جاءت به من أهداف ومحاور بحول الله وقوته.

 

 

*كاتب وصحفي متخصص في الشؤون السياسية

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه