2016-10-11 

انطباعاتي عن #العلاقات_السعودية_المصرية

عبدالله بن سعد العمري

علّق خير الدين الزركلي في كتابه شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز على أن قمة رضوى التي انعقدت بين الملك عبد العزيز والملك فاروق في سفوح جبل رضوى بينبع عام 1945م كانت الانطلاقة الأولى للتفاهم بين الدولتين على لم الشمل العربي.

 

 

تلك الزيارة التي أصفها بالشرارة الأولى للعلاقات السعودية المصرية على امتداد ستة عقود، ما هي إلا حضارة عربية سعودية مصرية استفاد منها البلدان والعالم العربي أهم ما يمكن قوله من فوائد التحالف الاستراتيجي لهكذا دولتين.

 

اليوم نحن والمصريون نقف من جديد على قمة جبل رضوى بحلول نهاية 2016 لنرى كيف أضحت العلاقات السعودية المصرية من الشكل الوظيفي؟ ولعلي أتساءل في البداية كيف لدولة كقائدة للعالم العربي وهي مصر ولدولة كقائدة للعالم الإسلامي وهي السعودية أن تكون الخلافات بينهما غير مؤثرة على الأمة العربية جمعاء؟


 إذن ومن منطلق مهام الدولتين تجاه العالمين العربي والإسلامي اللذين يشكلان ثلث مساحة العالم وثلث سكانه تقريبا؛ فإن المنطق يؤكد أن تقوم الدولتان بواجبهما تجاه من يمثلانه من الشعوب العربية والإسلامية تبعا لقوتهما السياسية والقومية والدينية والاقتصادية. 

 

وبالتالي فإن المملكة العربية السعودية وبحيادية تامة لم يختلف دعمها تقريبا للقضايا الإسلامية والعربية عما كانت عليه من قبل. اليوم على الأحرى تواصل المملكة المهمة الصعبة لوحدها في صد المد الإيراني على المنطقة. وتواصل على الأحرى وحدها دعم الشعبين اليمني والسوري في استعادة حياته اليومية التي تليق به. وعلى الأحرى فالمملكة العربية السعودية قد أصبحت اليوم وللأسف المسؤولة الأولى في الدفاع عن قضايا العالم العربي.

 

وفي المقابل، فعندما نتحدث عن مصر فلا يمكن لقارئ بسيط أن يقارن بين الموقف المصري الأخير تجاه العرب وبين الموقف نفسه في العقود السابقة. الموقف المصري الذي دافع عن كل شبر عربي محتل منذ حرب 48م لم يكن كالموقف المصري قبل يومين بمجلس الأمن عندما صوت لصالح المقترح الروسي، البلد السوفيتي الذي يقتل السوريين كل يوم.

 

ولن نذهب بعيدا، فعندما صرح علي أكبر ناطق نوري رئيس التفتيش العام الإيراني في 12 شباط 2009 أن البحرين هي المحافظة رقم 14 للجمهورية الإيرانية، جاء رد مصر حاسما بزيارة رسمية استثنائية للرئيس المصري حسني مبارك في 16 شباط 2009, حيث كانت مصر بأعلى مستوياتها متواجدة في البحرين بعد أربعة أيام فقط من التصريحات المشينة.

 

اليوم يأتي الأمر مختلفا عندما يكون الأزهر ممثلا لمصر في مؤتمر الشيشان الموقع في بيانه الختامي على أن الوهابية ليست من أهل السنة والجماعة في شيء، واليوم يأتي الأمر مختلفا وقد تزعزع الموقف المصري تجاه القضايا العربية التي تعود أساسا على حفظ الأمن القومي المصري، فهل دعم المشروع الروسي بسوريا سيخدم أمن مصر؟ لا أظن ذلك وقد دحرت مصر سابقا غزو التتار عن سوريا وفلسطين كي لا يصلوا بدورهم إلى سيناء.

 

نعقد اليوم كعالم عربي الكثير من الآمال على مصر العروبة في استيفاء مبادراتها لحل النزاع العربي الإسرائيلي، ودعم التحالف التركي السعودي لإبطال مشروع تقسيم سوريا الذي سيشكل خطرا على أمن المنطقة ككل وليس فقط على أمن مصر. كما تنعقد الآمال على ألا تفاجأنا مصر غدا بالانسحاب من التحالف العربي لإعادة الشرعية لليمن على الرغم من محدودية المشاركة المصرية في هذا الجانب.

 

وعلى ما يبدو فإن الشكل الوظيفي لمصر قد تغير مع الوقت، فمصر تسعى اليوم لسد حاجاتها اليومية من الغذاء والدواء لشعب تجاوز التسعين مليونا، ولم تعد قادرة ماديا وسياسيا على حماية كل العرب وقد بدا الترهل يداهمها من كل صوب، على أن مهمة ترميم قدرتها السياسية والمادية سيتطلب سنينا طويلة وربما عقودا من الزمن.

 

أما عن الشكل الوظيفي الجديد للمملكة العربية السعودية، فمثلما أنه استلم قيادة العالم العربي، إلا أنه يعني الكثير من المسؤوليات والتبعات والأعباء التي ستستدعي سنداتنا المالية والاحتياطية لسنين قادمة، فالمسؤولية جمة، والأحداث متسارعة، والنتائج أصبحت غير متوقعة.


وأخيرا: فلطالما كانت خلافاتنا مع مصر وقتية وغير دائمة، فالخلافات الطويلة تدل على أن كلا الطرفين على خطأ كما يقول الفرنسي فولتير.
 

عبدالله بن سعد العمري
كاتب سياسي سعودي

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه