2015-10-10 

خيار شمشون

عبدالله الجنيد

ربما تنحصر أكبر الهواجس العربية الآن فيما يمثله البرنامج النووي الإيراني من تهديد، أو الشكل المبدئي للإتفاق النهائي الواجب التوصل إلى صياغتة قبل نهاية شهر مارس الحالي، قبل المصادقة عليه في نهاية يونيو ٢٠١٥. إيران تدرك تماماً أنه ليس من الوارد القبول بالصيغة المطروحة، أي "لا تخصيب لليورانيوم قبل عشر سنوات من الآن والخضوع لبرنامج تفتيش صارم يطال كافة منشآتها النووية" لما سوف يمثله ذلك من انتحارا سياسيا داخليا. لكن يجب الاعتراف أن إيران حققت ما عجزت عن تحقيقة اسرائيل بتبنيها "خيار شمشون" كخيار الردع الاخير (خيارالضرورة القصوى او الهزيمة). لذلك تحصلت على ضمانات لأمنها في كل الأحوال منذ ١٩٤٨ حتى اخر حروبها الكبرى في ١٩٧٣. فإسرائيل اعتمدت مبدأ الدفاع عن العمق الاستراتيجي الإسرائيلي بأحتلال أرض الخصم، وهذا ما حدث في ١٩٦٧ عندما أحتلت كامل الضفة الغربية والجولان السوري، ناهيك عن احتلالها لسيناء منذ ١٩٥6. إلا ان اسرائيل اضطرت للتخلي عن سيناء و غزة، والمجتمع الدولي رفض الاعتراف بمصادرتها للجولان بشكل قاطع أو الاعتراف بحيازتها للضفة الغربية. من هنا بنت الجمهورية الايرانية استراتيجيتها : أولا: الاستعاضة عن الاحتلال المباشر لدولا عربية؛ لأنه غير قابل للاستدامة بمشروع آخر، وهو "الهوية الشيعية" فكان لبنان الدولة الأكثر موائمة لإطلاق ذلك المشروع، بعدما اختارها الجميع لتكون ساحة تصفية الحسابات، ليأتي الاجتياح الإسرائيلي للجنوب معززا ومن ثم اطلاق أول الأحزاب الشيعية العربية المقاومة لإسرئيل. ثانيا: ظهور أحزاب تدين بالولاء لإيران لحد التبرأ من هويتها العربية، بل تطور ذلك لدرجة ظهور بعض الدعوات من مرجعيات شيعية مطالبة بالاعتراف "بالقومية الشيعية " في عام ٢٠١١. كل ذلك ما كان ليكون لولا الغزو الامريكي للعراق في ،٢٠٠٣ تحت ذرائع عدة كان اخرها رفع الاضطهاد الشيعي، وصولا تقديمها العراق لايران في ٢٠٠٦. هنا تحديدا حققت ايران اختراقها الاستراتيجي الاقليمي والعربي، ونجحت في توظيف ذلك في مفاوضاتها مع المجتمع الدولي حول ملفها النووي بعدما باتت تسيطر على كامل إنتاج العراق من النفط وتهديد الكويت بشكل مباشر حينما تختار هي، ناهيك طبعا عن تهديداتها "الواهية" باغلاق مضيق هرمز و اغراق العالم في أزمة طاقة جديدة تهدد التعافي العالمي بعد الازمة المالية في ٢٠٠٨. الخطر الأكبر للبرنامج النووي الايراني ليس امتلاكها سلاحا نووي بقدر ما هو احتمال حدوث كارثة نووية مماثلة لشرنوبل في اوكرانيا ، و علينا ان لا نعير الموقف الاسرائيلي المهول من الخطر النووي الايراني اي اعتبار لانها لم تفتأ تحذر من " ان ايران ستمتلك سلاحا نوويا السنه المقبلة " منذ ٢٢ سنه مضت للاستهلاك السياسي و المعنوي فقط . السلاح النووي قائم على مبدأ ضمان السلم لا الحرب و تعي اسرائيل و ايران ان كليهما لا يستطيع استخدام اي سلاحا نووي حتى لو كان ذلك السلاح تكتيكيا لا في الوقت الراهن او في اي وقتاً اخر ، لذلك علينا ان لا ننجر لعناوين كبيرة تسهم في تشويش الرؤية بل الاعتماد على الاستراتيجية العربية القادمة و التي ترتكز في جزء أساسي منها على تنويع مصادر الطاقة و منها الطاقة الننوية السلمية . ذلك بالطبع لا يعني التخلي عن الحق في فرض منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بالاضافة الى الارتكاز على التنمية كأساس لتحقيق الأمن القومي هذا اولا ، و ثانيا عدم التحرج في توظيف كل أدواتنا لابراز موقفنا السياسي من كل تهديد لأمننا بما يتناسب و ذلك التهديد.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه