2015-10-10 

كل عام ... ونحن فداك يا وطني

محمد ناصر العطوان

دعني أيها الوطن العظيم أعرفك بنفسي ... أنا إنسان بسيط جداً حتى الثمالة، أجر ورائي اثنين وثلاثين عاماً مرت بسرعة مثل شمعة تحترق من الجانبين، حاصل على شهادة جامعية مثل ملايين الشباب في العالم العربي، ولكني أعيش حياة أفضل منهم جميعاً، وعندما تساءلت عن السبب فلم أجد في ذكرياتي سوى إحسانك لي منذ ولادتي وحتى الآن. فكل عام ونحن فداك يا وطني. فكل ما كتبته في هذا العمود من أجلك ومن أجل أن أراك في أعلى القمم، ولا أريد شيئاً سوى أن أراك باقياً ونحن زائلون. أنظر حولي فأجد حال الأوطان الأخرى لا تسر حبيباً فأخاف عليك، ولو كنت أملك من الأمر شيئاً لوضعتك في قلبي، وهربت بك من جميع الأخطار والمؤامرات والمكائد التي تحاك ضدك، وسيكون حالي كحال أندلسي من غرناطة يحاول أن يهرب من نظرات كاردينال يبحث عن بقايا الإيمان في قلوب المسلمين داخل أقبية محاكم التفتيش. ولكني لن أبالي. فكل عام ونحن فداك يا وطني. نجوب العالم مفتخرين بجوازاتنا الزرقاء، ونتنقل من آسيا إلى أوروبا وأميركا وأستراليا، ولكننا في النهاية نعتبر الكويت هي الصرح الذي نجد فيه أنفسنا، أما بقية الصروح الجغرافية فما هي إلا صروح من الملح يكفي أن يسقط عليها المطر حتى تزول، وتبقى الكويت في قلوبنا. فكل عام ونحن فداك يا وطني. ذات يوم سألني أحد طلابي عن معنى «الولاء للوطن»، وكنت أتهرب منه، وكلما كان يصر على السؤال، كنت أصر على الهروب من الجواب، وأتصنع التفكير ثم أقول له «هذا موضوع طويل»، في الواقع لم أكن حينها أملك إجابة بسيطة لمثل عمره! فيا أيها الطالب الذي سألني يوماً، إن أطفالاً في مثل عمرك يعيشون في بقاع كثيرة من العالم، ولكنهم لم يعودوا يخافون الموت، ولكنهم أصبحوا يخافون الحياة لأن أوطانهم نبذتهم ورمتهم في البحار السبعة، أما أنت فوطنك شيء آخر، وأسال الله أن تكون من الذين قرأوا هذا المقالة لكي تردد معي ... كل عام ونحن فداك يا وطني. **** قصة قصيرة: يسمع في المجالس أناسا تتحدث عن زوال الدولة بحلول العام 2020. ويسمع عن أناس تشتري في الخارج للضمان. ويسمع عن الذين سرقوا من أجل حياة كريمة بعد الزوال. سمع الكثير، ولكنه فسر ما سمعه على أنه إعلان موت الفاعلين وليس موت الوطن.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه