2016-01-11 

متحف الفن الإسلامي في الدوحة آخر آثار فن التسامح

من باريس، فدوى الشيباني

 

في ذروة الصراع الذي تعيشه المنطقة بسبب النزاع الدبلوماسي بين الرياض وطهران، يبرز ضوء في نفق مظلم يعيد إلى الذاكرة صورا من التسامح الإسلامي. ويبدو متحف الفن الإسلامي في الدوحة واحدا من هذه الشواهد على التسامح الإسلامي من خلال معروضاته التي تبرز غنى الثقافة الإسلامية. ويرى حميد دباشي، وهو أستاذ  للدراسات الإيرانية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، أن الصراع السعودي الإيراني ليس دينيا ولا طائفياً بل أن أسبابه سياسية في المقام الأول.

 

وفي مقال نشره في موقع قنطرة الألماني يرى دباشي أن.تجربة زيارة متحف الفن الإسلامي في الدوحة المدهشة في هذه اللحظة بالذات تشكل الفارق اللافت والدراماتيكي بين واقع الحضارة الإسلامية ممثلة بأفضل صورها في الدرر الفنية، والأوهام المصطنعة التي هي الانقسام السني-الشيعي والعربي-الفارسي، الذي تمثله اليوم جملة من الخصومات الملتهبة بين السعودية وإيران. حيث يقول "  إذا كنت تريد أن ترى بأم عينيك سبب كون هذه العدوانية الخطيرة المتوهمة والمصطنعة والمفترضة بين العرب والإيرانيين أو بين السنة والشيعة غريبة كل الغرابة على نسيج الحضارة الإسلامية، فاقضِ بعض الساعات فقط في هذا المتحف". ويؤكد حميد دباشي بأن التنقل بين أرجاء هدا المتحف الفسيح تحيلك الى واقع جديد مغاير للعداء بين الدولتين وبين الطائفتين حيث تعرض عدد من التحف الفنية والكنوز والإعمال الفنية الايرانية والهندية والتركية وحتى من و اسيا الوسطى.. بكل عناية واهتمام دون تمييز أو اعتبار لمصدر هده التحف حتى وان كانت من ايران التي تمثل اليوم لدول الخليج مصدر قلق وخطورة تضعها في مقام العدو.

 

ويضيف دباشي "والآن، في الوقت الذي تتأجج فيه نار الكراهية والعنف من طرف العالم العربي والإسلامي إلى طرفه الآخر، وجدت نفسي في صحبة هؤلاء العلماء الرائعين، وذلك عندما غرقت في معروضات متحف الفن الإسلامي بالدوحة، متسائلاً عن عدد أوجه أكثر الإنجازات الفنية والعلمية إعجازاً التي يمكن لحضارة ما أن تجمعها وأن تستطيع في نفس الوقت الرقص بسلام وتناغم على طرف هذه المساحة، التي لا تزيد كثيراً عن مساحة رأس إبرة بالمقارنة مع مساحة كوكبنا". ويستنتج دباشي  بعد هده الجولة أن الصراع بين السعودية ومن وراءها دول الخليج  لا علاقة له بالمعطى الديني او الانقسام الطائفي بل هو "نتاج  الغضب اللاهب لدولتين مصممتين على التفوق بعضهما على بعض مهما كان الثمن". إن متحف الفن الإسلامي في الدوحة هو آخر آثار فن التسامح الإسلامي: التسامح الذي لا يعني البقاء واقفاً رغم الإرهاب الذي يحيط به من كل جانب، بل كمراقب حنون وطيب ورقيق يعلمنا كيف نلقي نظرة مخلّصة عليه.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه