2016-03-30 

في ديوانية كويتية

زياد الدريس

الحياة - في زيارتك لأي دولة في العالم، قد تستطيع أن تستشف الرأي العام لأهلها حول قضايا الساعة من خلال مطالعة الصحف المحلية أو القنوات التلفازية. لكن في الكويت، ستبقى أفضل وسيلة للتعرف إلى الرأي العام لأهلها والمزاج السياسي والثقافي والاجتماعي من خلال زيارة الديوانيات المنتشرة في أحياء المدينة التي لا تصمت. ستكون محظوظاً جداً لو وجدت أحداً يتنقّل بك بين أكثر من ديوانية في الليلة الواحدة، بمختلف الأطياف لروّادها وموضوعاتها. وقد سبق لي الكتابة عن الديوانيات الكويتية في مقالة نشرتها عام ٢٠٠٩ تحت عنوان: (الكويت، سياحة الأحاديث الشيقة).

 

في ديوانية كويتية، دار الحديث بكل ارتياح وعفوية كعادة الكويتيين، حول جوانب التوتر الخليجي/ الإيراني وانعكاسات ذلك على الاستقرار التنموي في المنطقة، وقبل ذلك تأثيرات هذا التوتر (المؤدلج) على خلخلة الانتماء الوطني لدى بعض المنشغلين بالصراع.

 

طلب مني صاحب الديوانية (الصديق/ السفير علي الطراح) تقديم عرض موجز لرؤيتي التي وضعتُها في كتابي الصادر حديثاً تحت عنوان: «من هو عدونا في إيران؟». تحدثت وأنا متحفّظ إلى حدٍ ما لأني لا أعرف كل الحضور. كان تحفّظي ينكشف عند حديثي عن الهويات الإيرانية المختلطة (فارسي/ مجوسي/ صفوي/ شيعي). كنت أمشي على أطراف كلماتي، بل حروفي، إذ أحاول تبيين وجه الصراع الحقيقي بين ضفتي الخليج الشرقية والغربية.

 

عندما تمدّد النقاش بين الحضور حول آلية إدارة هذه المعركة الاستراتيجية ثقافياً وإعلامياً واجتماعياً، كان لا بد أن يأتي ذِكر الكويتي/ الإيراني، السيء الذِكر. حاولت الانسحاب من ساحة النقاش موقتاً حتى أترك للكويتيين أن يعبّروا عن مواقفهم تجاه هذا (الخليجي) المناهض لوحدة الخليج واستقراره. ولأني توقعت أن حضور الديوانية مختلط مذهبياً فقد ظننت أني على موعد مع وليمة حوارية ساخنة! لكن الذي حدث كان مغايراً تماماً لتوقعاتي، إذ كان الكويتي/ شبه الخليجي هو الضحية لكل الجالسين. قلت: لعل ظني بالاختلاط المذهبي كان خاطئاً، فقال لي صاحب الديوانية أن فلاناً وفلاناً من الضيوف هم من إخواننا الشيعة، بل وإن بعضهم من أصول فارسية بعيدة.

 

كان الموقف المشترك لكل من في الديوانية بلا استثناء هو الموقف الوطني الكويتي الخليجي العروبي الواضح والصارم من ألاعيب إيران في المنطقة، بغرض توسيع نفوذها، تحت مظلات متعددة ومتنوعة.

 

أدركت بعد ذلك النقاش الشفاف في الديوانية الكويتية، أن أول خطوة في كسب المعركة الاستراتيجية مع إيران هي في تضييق دائرة الخصم، وإعادة النظر في الموقف ممن نظنهم يقفون في صفّ إيران من خارج حدودها، بل وربما من داخل حدود إيران أيضاً، وهم ليسوا كذلك.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه