2015-10-10 

معركة تكريت.. انتصار يُنذر بحرب طائفية

من بغداد، ناصر أمين

بعد عشرة أيام فقط من بدءها باتت الحملة العسكرية الأكبر ضد تنظيم داعش في العراق على مشارف تحقيق انتصارا مفصلي. القوات العراقية، ومعها المليشيات الشيعية، والتي يقول مراقبون أنها أكبر عدد وتسليحا من الجيش الرسمي للدولة، نجحوا في دخول مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين السنية والتي يسيطر عليها التنظيم منذ يوليو الماضي. لكن، وبحسب تقرير لشبكة دويتش فيله، فإن هذا الانتصار، وبقدر ما هو مفصلي، قد يؤجج الحرب الطائفية في المدينة ذات الغالبية السنية. فكثيرا ما يُنظر لمليشيا الحشد الشعبي على أنها مليشيا ترتكب جرائم طائفية ضد السنة في المدن المحررة من داعش. وبرغم مشاركة بعض العشائر السنية، إلا أنه قيادة اللواء الإيراني قاسم سليماني للحملة العسكرية يعطي بعدا طائفيا للمعركة. وفي تقرير سابق نشرته الرياض بوست أعتبر مراقبون أن أهالي المدينة السنية بين خيارين كلاهما مر، هو الرضاء ببلطجة التنظيم السني المتطرف الذي يسيطر على المدينة بالفعل، أو ينتظروا التنكيل بهم على يد المليشيات الشيعية، كما هو معتاد في مثل هذه الحالات. وحاول رئيس الوزراء العراقي حيدر بغدادي قبيل إنطلاق الحملة العسكرية في الثالث من مارس الجاري، طمأنة المجتمع العراقي والدولي، حيث أكد أنه لن يسمح بارتكاب جرائم طائفية في هذه المعركة. غير أن قادة ميدانين عراقيين أعربوا الخميس، بحسب تقرير التلفزيون الألماني، عن أن القوات الامنية لن تتسرع في العملية العسكرية لاستعادة المدينة من تنظيم "الدولة الإسلامية"، وذلك لتفادي وقوع خسائر في صفوف عناصرها. لكن ذلك لا ينفي أن بعض الميليشيات الشيعية تحمل سكان المدينة المسؤولية في نجاح "داعش" في السيطرة على تكريت وغيرها من المناطق. وفي هذا الصدد يقول هايكو فيمن، الباحث في المعهد الألماني للدراسات الأمنية والسياسية، إن العالم كله يتساءل ما الذي قد يحصل إذا نجحت ميليشيات شيعية في تحرير مدينة ذات غالبية سنية؟ خاصة وأن ذلك قد يعيد لديهم بعض مشاهد الرعب والممارسات القمعية التي شهدتها المدينة ما بين سنة 2006 و2008. ولهذا يرى الخبير الألماني أنه "على الجيش العراقي أن يتعامل بحذر مع سكان المدينة، حتى لا يتولد هناك انطباع بأن القوات العراقية ذات الغالبية الشيعية ستمارس عمليات انتقامية على سكان المنطقة، المتهمين بمساعدتهم لتنظيم "داعش". بالإضافة إلى ذلك فإن لمدينة تكريت مكانة رمزية مهمة، باعتبارها مسقط رأس الرئيس الأسبق صدام حسين وأبرز قيادات حزب البعث، الذي كان يحكم العراق قبل سنة 2003. ولهذا فإن "استعادة هذه المنطقة بدعم من الميليشيات الشيعية قد يعيد لسكان المدينة ذكريات إعدام زعيمهم آنذاك صدام حسين". ويشدد الخبير الألماني على وجوب تفادي أي عمليات انتقامية، لأن ذلك من شأنه أن يفقد الجيش العراقي مصداقيته. وهو ما قد يؤجج الحرب الطائفية من جديد ويصعب بالتالي مهمة استعادة بعض المدن الأخرى مثل الموصل من "داعش". وقد بدأ نحو 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة وفصائل شيعية مسلحة وأبناء بعض العشائر السنية، عملية عسكرية في الثاني من مارس لاستعادة تكريت ومناطق محيطة بها. وتقدمت هذه القوات تباعا لاستعادة بلدات وقرى في محيط المدينة، وتمكنت أمس من دخول بعض أحيائها، لا سيما حي القادسية. وقد شقت قوات الأمن والميليشيات العراقية طريقها إلى داخل مسقط رأس صدام حسين في تقدم على جبهتين.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه