لم تعد الدراما والأعمال الفنية مواد ترفيهية فقط بل باتت أحد أدوات القوة التي يمكن إستخدامها لعكس صورة بلد ما وبيان مواقفه السياسية خصوصاً وان السياسة لم تعد قرارات سياسية وعسكرية صرفة بل أصبحت مساراً متكاملاً يتطافر فيه السياسي مع العسكري والاعلامي ويستنجد بقوةالترويج الثقافي وصولاً الى نظرية (الاقناع عبر الفن والمشهد الدرامي والفلم السينمائي ) حتى باتت الدراما تشكل قوة ناعمة وتحولت أحد أهم أدوات ادارة التحالف والصراعات وتوجيه الرأي العام لتصطف مع القرار السياسي وتشكل معه زحفاً ناعما باتجاه تصحيح مسار النظرة للأحداث الآنية.
قد ندلل هنا بالسينما الأمريكية وتأثير هوليود
والدراما التركية والهندية وحتى المكسيكية والشرق آسيوية . ففي الحالة الدرامية التركية تحولت إلى ظاهرة حديثة حين كانت الدراما جزء من الصراع بين الحكومة والمعارضة عبر مسلسلي السلطان كوسيم الذي يمثل التيار العلماني ومسلسل ارطغرل الذي يمثل وجهة نظر الحكومة المحافظة.
أما ايران فقد تحالفت مع الدراما وثوّرتها لتنجح بها في كسر عزلتها ونشرت من خلالها مبادئها الثورية
وفي مصر حدث أن استدعت وزارة الاعلام الكتاب الدراميين لكتابة أعمال تحذر من التطرف الديني وتكشف خطرها وشاهدنا نتاجات درامية تحلل بعمق التيارات الدينية المتطرفة والإرهاب وغسل الأدمغة.
فريق عمل سيلفي آمن بحقيقة أنه لايمكن عزل الدراما كفن وصناعة عن العناوين المحورية التي نعيشها اليوم.
ووعى حقيقة أن الدراما من أفضل الطرق للتقرب من المجتمعات وجذبها باتجاه قضية أو فكرة ما عبر حلقته الناجحة( الموذي ) التي شخص بها واقع الأزمة القطرية.
ونجح هذا العمل في أن يخرج بها-أي الأزمة - من مربع المقالات والتحليلات واللقاءات التلفزيونية والإذاعية - التي ملها العامة - إلى الشارع والمواطن القابع في منزله وحانوته البسيط ، حين يتفاعل مع الصورة و الكلمة التي تجسدها الحركة، والحدث والمشهد ، فتغرس في نفسه فهم الواقع عبر حدوتة سهلة تتجسد عبر طرد حمد(ناصر القصبي ) لوالده (علي المدفع ) من مزرعته ويستولي عليها ويحولها الكهربائي ( عزام ) الذي جسد دوره بتمكن لافت النجم المميز ( أسعد الزهراني) الذي يحول المزرعة وكراً يستضيف فيه اللصوص والقتلة والمناؤين والهاربين من أسرهم ولا يكتفي بهذا بل يسمم أفكار حمد بآمال توسيع مزرعته عبر الاستيلاء على مزارع اقاربه وجيرانه بعد أن يستخدم كل السبل لإيذاء هم وتهديد استقرارهم .
وإثارة الفتن بين افراد الأسرة الواحدة من ابناء عمومته وتفكيكها بايعاز مباشر من عزام الذي لايكف عن ممارسة دوره القذر في توتير اجواء الاقارب طمعاً في الاستيلاء على مزارعهم ومقدراتها في إسقاط مباشر على الدور المشبوه الذي يمارسه (عزام بشاره). في دولة قطر الشقيقة وتحت نظر نظامه.
الحلقة تتوسل الكوميديا السوداء وكوميديا الموقف والاسقاطات المباشرة لايصال الرسالة بوضوح شديد حتى تجيء خاتمة الحلقة لتؤكد مواجهة حمد لمصيره منفرداً بهروبهم ، فبعد أن يفيض الكيل بجيرانه يتم قطع التيار عن حمد ورفاق السوء، فلايستطيعون تحمل الاثار المترتبة على هذا الاجراء وهو المتوقع حدوثه حين تشتد الأزمة على نظام قطر .
اقتحمت( الموذي ) بهذه الحكاية منطقة بكر لم يسبق لعمل خليجي أن مارسه بمثل هذه المقاربات والتي تؤسس لدراما ( اعرف عدوك ) ، ورفعت الحظر فعلياً عنها.
في سياق موازي فأنها أشعلت مواقع التواصل بمجرد إعلان ناصر القصبي عبر حسابه عن الحلقة على حسابه الشخصي في موقع التواصل الإجتماعي تويتر مغرداً (المواقف المايعه مرفوضه و اللعب الان مع النظام في قطر أصبح على المكشوف ، انتظرونا الليله) لتجتاح موقع تويتر موجة عاصفة من التغريدات المؤيدة للحلقة ومحتواها ، قفزت بوسم سيلفي يلعب ع المكشوف إلى المرتبة الأولى في قائمة الترند بموقع تويتر قبل نهاية الحلقة كما بلغ وسم سيلفي وأسعد الزهراني الذي جسد دور عزام إلى مراتب متقدمة في الترند.
وأجمع المغردون من خلال الهاشتاقات التي مازالت تطفح بالتغريدات على تميز طرح سيلفي وجرأته والحس الوطني الذي يميز طاقمه، فيما حصد النجم ناصر القصبي الاعجاب الذي عكسه سيل التغريدات التي تثني على وعيه وحسه الوطني وجسارته في إقتحام مناطق يتحسس منها معظم المشتغلين بالدراما .
ولاشك أن (الموذي ) سجلت ريادتها في مجال الدراما السياسية إن جاز لنا هذا التصنيف وقد حصدت نجاحاً مستحقاً لايمكن إنكاره.
باتت الحاجة ملحة اليوم لإنتاج أعمال درامية تجسد كل قضايانا العادلة وتحمل رسالتنا للشعوب العربية والاسلامية
وتسبر كُنه العلاقات العربية والإسلامية مع إيران عبر المحطات التاريخية ، بصورة درامية واقعية وحقيقية لتصل إلى الجميع .
وكم نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى لاستغلال قدرات المبدعين من امثال النجم ناصر القصبي لانتاج دراما تستقطب عاطفة الشعوب ، وتحاكي إنسانيتها للتفاعل بشكل جدي لفهم قضايانا وتفكيك المبهم من تعقيدات السياسة وفضح كل الممارسات التي تقوض سلمنا الاجتماعي وتهدد أمننا الخليجي وتفضح الدور المشبوه لكل من حولنا ابتداء من إيران وثورتها العنصرية وانتهاء بعملاءها فهذه الدراما أقدر من كل الجهود الدبلوماسية على دحرها وإن كانت لاتلغيها .