عندما تكون تعمل في قطاع بيع الاغذية بالتجزئة وتعلم أن عملاق التجارة الالكترونية شركة أمازون استحوذت على شركة "هول فود" Whole Food التي تمتلك أكثر من 450 متجرا في الولايات المتحدة بمبلغ 13.7 مليار دولار، فاعلم أن هناك تدميرا خلاقا لقطاع بيع الأغذية بالتجزئة، ويعني ذلك أنه سيتم توليد أنشطة اقتصادية جديدة في مجال الأغذية يستعاض بها عن الانشطة الحالية.
سنتذكر عندما كنا نذهب الى السوبر ماركت القريب من المنزل لشراء المواد الغذائية بشكل يومي ومن ثم الوقوف في الطابور لدفع أثمانها، سيكون ذلك من الماضي. أمازون عازمة على اكتساح قطاع بيع الاغذية وإعادة تشكيله .
البداية لأمازون في قطاع الأغذية كانت في 2007 عن طريق تقديم خدمة "أمازون فريش" في المدن الرئيسية لتوزيع مواد غذائية طازجة عن طريق وضع الطلب في موقع أمازون الإلكتروني وتصل الطلبية الى الزبون خلال ساعات. وفي العام الماضي قامت بفتح متجر "أمازون جو" للمواد الغذائية الذي يعتمد على تقنية الذكاء الصناعي، فكل ما هو على العميل هو الدخول الى المتجر وتمرير هاتفه الجوال وبعدها يأخذ ما يريد من على الرفوف ثم الخروج من دون الحاجة إلى الانتظار والوقوف في طابور الدفع.
بعد التجارب التي قامت بها أدركت أمازون أن المتاجر الالكترونية وحدها لا تكفي، ومن أجل النجاح في قطاع بيع الأغذية بالتجزئة، لا بد من وجود هجين بين التسوق عبر الانترنت والمتجر. وصلت أمازون الى هذه النتيجة بعد تجارب ودراسات تفيد بأن بيع الاغذية عبر موقع أمازون فقط لن ينجح وذلك لسلوك المستهلك الذي ما زال يرغب في لمس ما يريد شراءه وخاصة المواد الغذائية. وبناء على دراسة من مجموعة NPD وجدت أنه من بين الاشخاص الذين يشترون المواد الغذائية عبر الانترنت 74% من مبلغ الشراء يتم من خلال المتاجر التقليدية.
من خلال عملية الاستحواذ على متاجر "هول فود" ستكون أمازون وصلت الى نموذج العمل التجاري التى تعتقد انه سيحدث ثورة في مجال قطاع التجزئة في المواد الغذائية، وهو الدمج بين المنصتين الالكترونية والواقعية وأن يكون هنالك تكافل بينهما واستخدام التقنية لابتكار نموذج جديد للتسوق في قطاع المواد الغذائية تمكن العميل من التسوق بكل سهولة.
التدمير الخلاق الذي ستحدثه أمازون في قطاع الاغذية سيصل إلينا، خلال العام الحالي قامت أمازون بالاستحواذ على موقع "سوق دوت كوم" الخاص بالتجارة الالكترونية بمبلغ يتجاوز 700 مليون دولار وسيكون قطاع المواد الغذائية من اولوياتها نظرا لكبر حجم القطاع، حيث ستشكل مبيعات التجزئة من الاغذية في دول مجلس التعاون في عام 2017 مبلغ 106 مليارات دولار، والقطاع مقبل على نمو كبير خلال السنوات المقبلة مدفوعا بارتفاع عدد السكان والقوة الشرائية. سيكون على الشركات المحلية التي تعمل في قطاع التجزئة أن تستعد للمنافسة الشرسة وأن تغير من نماذج العمل التجارية الحالية وأن تعتمد على التقنية لتنمية القطاع وتجعله قادرا على المنافسة.
التقنية هي السبيل للحصول على تنمية اقتصادية عالية لأي قطاع وقد نجحت شركات في النهوض الى مستوى عال في فترة وجيزة من خلال التغيير في ديناميكيتها وهيكلها الصناعي والتجاري. ولكن ليس لدى قطاعاتنا الاقتصادية بنية تقنية معرفية مبتكرة لكسر الجمود والركود والتجديد في الانظمة الاقتصادية الحالية.