الفساد أصبح علما على ملالي طهران، فسيان عند الوصف قولك: (إيران) وقولك: (فساد)، فقد تفشي الفساد في كل مفاصل الدولة، حتى بلغ مبلغا من حق طهران أن تفاخر به أمم العالم.
قطاع النفط والغاز الإيراني لم يكن بمعزل عن هذه الحفلة فقد نال نصيبا وافرا، والجميع يعلم عن ملفات الفساد في قطاع النفط الإيراني، الذي تسيطر عليه أجدر مصادر الفساد المنظم في العالم اليوم "ملالي طهران" عبر نظامها الحاكم، وبدعم لا محدود من قادة بالحرس الثوري، المتورطين في بيع النفط الإيراني، في السوق السوداء إبان فترة العقوبات، تهربا من تسليم تلك الأموال إلى خزينة الدولة... وتعمد طهران حاليا لبيع نفطها المسيس بأسعار زهيدة جدا، بهدف ضرب الإقتصاد السعودي!
مر على سمعنا، أن هناك من يسرق الكحل من العين، ولكن أن تصل السرقة إلى منصات النفط، فهذا أبداع يستحق أعلى أوسمة الإجرام والفساد، فقد طال هذا السلوك حتى المنصات التي تستخدم لاستخراج النفط من الحقول البحرية!! بالفعل حدث هذا عدة مرات، ولم يجد أحد لهذه الأطنان الهائلة أثر، وكأنها مناديل ورقية ... حالة واحدة هي التي تم ضبطها عندما وجدت إحدى هذه المنصات في خليج المكسيك!!
عند متابعة حراك قطاع النفط الإيراني، نجد أن كل ما يهم "عصابات" شركة النفط الوطنية الإيرانية، هو بيع النفط، واستلام المبالغ نقدا (كاش)، وهذا ما جعل تعاملاتهم النفطية تعمد إلى إستراتيجية "المتجر الصغير"، تهربا من توثيق تعاملاتهم، وبالتالي لا تسجل تداولات النقد هذه في البنوك العالمية، ولا يباع هذا النفط بأي ضمان بنكي، كما هو الغالب على تداولات النفط عن طريق البيع بالعقود طويلة الأجل، كمبيعات النفط في أرامكو السعودية مثلا!
هذه العصابة ذات الأيدي الملوثة، لا تزال تمارس أعمالها القذرة في قطاع النفط الإيراني، حيث مازال يسجل بيع النفط بأسعار زهيدة في السوق السوداء، وبعقود وهمية دون وجود أية عقود أو إجراءات قانونية تارة أخرى، الأمر الذي كبد الإقتصاد الإيراني خسائر كبيرة، ومما لاشك فيه أن هذا المسلك الأعوج باستلام مبالغ بيع النفط نقدا دون توثيق العقود يوجب تنازلات كبيرة، يقدمها بارونات شركة النفط الوطنية في إيران، من أبرزها وأهمها: بيع النفط بأسعار زهيدة جدا!
وحتى وإن وجدت بعض العقود للتعاملات البنكية، فإن النفط يباع بأسعار زهيدة جدا، حتى وإن كان ذلك يضر بأسعار النفط العالمية، ويتسبب في مزيد من انهيار اقتصادها، طالما أن أحد أهم أهدافهم إضافة إلى الفساد ونشر الفوضى في المنطقة، وضرب الإقتصاد السعودي!
في هذا إجابة مباشرة عن الكيفية التي استطاعت بها إيران أن تبيع نحو (2 مليون برميل يوميا) أثناء الحصار الاقتصادي .. فنفط إيران رغم كل تعقيدات الحصار كان يباع نقدا إلى عملاء خاصين عبر قنوات غير شرعية بخصومات كبيرة ... ومن المرجح أن تكون صادرات إيران للمصافي المستقلة في الصين أحد الأمثلة على ذلك! والآن وقد تضاعف إنتاج إيران، فالتداولات المشبوهة لازالت على الطاولة! والحال أنه طالما استمر ملالي طهران في أعمالهم الدنيئة، فهم في حاجة إلى هذا المال، ليكون سبيل إلى نشر الفساد والإرهاب في العالم.
وفي السياق السابق، وبعد رفع الحصار عن طهران، أجد أن هناك ملحوظة مهمة وهي: أن مصافي الصين المستقلة، سحبت كل النفط الإيراني المخزن في الناقلات العائمة، لذلك أن نجد أن كل الكميات تم تأمينها من إيران، وهذا هو سر ارتفاع الصادرات الإيرانية إلى الصين في ذلك الوقت!!
العالم مع إيران في معضلة كبيرة، لن يفيد فيها أي حل ترقيعي مع كل هذا الكذب والتمويه، المعضلة هي: عودة إيران للمجتمع الدولي كشريك مؤتمن، بعد رفع الحصار الاقتصادي عنها، فكما سبق ملالي طهران صنع الفساد والإرهاب مكانتهم، وهم في دفاع مستمر عن سبب بقائهم. ولكن كيف يمكن لإيران أن تعود إلى المجتمع الدولي كعضو طبيعي مع أعمالها الإجرامية ابتداء بغسيل الأموال وليس انتهاء برعاية الإرهاب، والتدخل في شؤون الدول الأخرى لزعزعة أمنها؟!!
لعلنا الآن أدركنا أن ملالي طهران وراء تدهور أسعار النفط الذي لا يعكس الأساسيات القوية لأسواق النفط، وذلك بهدف ضرب الإقتصاد السعودي! ومن هنا تكون الصورة قد وضحت وبالإمكان الإشارة إلى المستفيد الأول من حشر أسعار النفط عبر هذا النطاق الضيق جدا دون حاجز الخمسين دولار، حتى مع اتفاقية أوبك التاريخية لخفض الإنتاج ومستويات الامتثال العالية، سبب ذلك وجود سوق خفية ذات أهداف خبيثة يقودها أوباش على استعداد لتقديم بعض نفطهم مجانا مقابل خسارة الآخرين، لأن المملكة هدف لمكائد قيادات النفط الإيرانية!
في الوقت الذي اتخذت فيه المملكة قرارات لتهيئة البيئة المناسبة لإنجاح إكتتاب أرامكو، الذي سنستفيد من عائداته لضخ استثمارات جديدة ودعم الإصلاحات الاقتصادية وتوطين الوظائف! وارتفاع اسعار النفط فوق 60 دولار من شأنه ان يعزز خطط نجاح الإكتتاب الذي يعد الأكبر كن نوعه على مدار التاريخ!
إيران دولة تعمل بمنطق العصابات، فالهدف الأول هو حصول النافذين من قادتها على النقد، وهذا ما جعل البيع غير الشرعي رغم تدني الأسعار أكثر أهمية من عقود النفط طويلة الأجل، التي تضمن لكل طرف حقه، وذلك من خلال البيع بأسعار تضمن هامش ربح مناسب ... ولملالي طهران إضافة لنفس المبرر هدف آخر من بيع النفط الإيراني بطرق مشبوهة بعقود وهمية أحيانا، وأخرى بعقود تحدد أسعارا زهيدة جدا، الهدف هو ضرب الاقتصاد السعودي، الذي تفرض مكانة المملكة العالمية، التزام قدر عال من المصداقية.
ومع أن وجه ملالي طهران الملطخ بالفساد أصبح معروفا ومنبوذا، إلا أن الإعلام النفطي الغربي لا يكشف الستار عن هذا الفساد في قطاع النفط الإيراني، بل على العكس، فقد بالغ شذاذ الغرب في وصف صلابة الاقتصاد الإيراني، بينما واقع الأمر هي أنها تلك الجوقة أنما يقوم عليها أقلام مستأجرة، وساسة ومؤسسات قاموا بعمل منظم، يهدفون من خلاله إلى خلق حالة من الضغط والتشويش على المملكة للمساومة على مواقف يرون أنها ستقلب كثيرا من المعادلات، ليس في مجال الاقتصاد وحده بل في مجالات عدة، لذلك بدأت حالة الاستنفار لنفخ الروح في جسد الاقتصاد الإيراني المحتضر الذي قتلته معاول حماقات ساسته، وأكلته ديدان الفساد، ليكون ندا منافسا للاقتصاد السعودي المتزن؟! ولكن محال أن ترجع الروح إلى جسد ميت!
د. فيصل مرزا
مستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا