في مكتب الرياض التابع لشركة سعودي أوجيه، يغطي الغبار المكاتب، التي تملئها أعقاب السجائر وزجاجات المياه الفارغة، فيما تملئ المظاريف علبة البريد، وفي موقف السيارات من منشأة أوجر أخرى على بعد ميل تبرز متاريس مليئة بالقمامة، في حين ترك مسؤول وحيد للتعامل مع مطالب العمال الغاضبين. وهو وضع يلخص أزمة شركات البناء الكبرى في السعودية.
وكالة بلومبرغ أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنها الرياض بوست أن الشركة التي كانت واحدة من عمالقة البناء في المملكة العربية السعودية، تعيش أسوء فتراتها بسبب سياسة الاصلاح الاقتصادي الرامية الى إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي.
ويشير التقرير أن سعودي أوجيه أغلفت أبوابها في يوليو، بعد سنوات من سوء الإدارة ورحيل كبار المسؤولين التنفيذيين، و الآلاف من العمال الذين لم يتحصلوا على مستحقاتهم لأشهر عدة ، وبسبب وصول ديون الشركة إلى 3.5 مليار دولار وفقا لمصادر مطلعة.
ويسلط سقوط أوجيه الضوء على خطة إعادة ترتيب جذري لمناخ الأعمال في السعودية وفقا لرؤية 2030 التي يشرف على تنفيذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
فعلى مدى عقود كان تهيمن على الاقتصاد السعودي عدد قليل من الشركات التي تحصل على عقود الدولة لكل شيء من المساجد إلى الوزارات الحكومية إلى خطوط السكك الحديدية عالية السرعة، لكن كل شيء تغير بصعود الأمير محمد بن سلمان الذي يسعى إلى انهاء اعتماد الاقتصاد على النفط وتنويع مصادر الدخل وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية وخاصة القضاء على البيروقراطية .
و يشير التقرير أن صدى التحول تردد في جميع قطاعات الاقتصاد، بعد أن خفضت الحكومة في أجور موظفي الخدمة المدنية، و خفضت الإعانات، وهو ما جعل شركات البناء، تكافح لأجل الصمود أمام تراجع المشاريع العقارية بسبب انخفاض أسعار النفط.
وتهدف خطة الأمير محمد بن سلمان "رؤية 2030" إلى الخصخصة وتخفيف القواعد أمام الاستثمار الأجنبي، مما يعني أن الشركات السعودية ستواجه منافسة جديدة. وبموجب هذه الاصلاحات، سيتم فتح الباب أمام الشركات الاجنبية فى مجال الهندسة والعديد من القطاعات الاخرى.
وفي ذات السياق أكد مالك مونيكا، كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري: "أن فتح السوق مباشرة أمام شركات البناء الأجنبية سيساعد في تنفيذ برنامج التنمية".
فيما أكد الباحث ميد بروجيكتس أن انهيار أوجر كان سريعا، حيث انخفضت قيمة عقوده من 8.9 مليار دولار في عام 2014 إلى حوالي 850 مليون دولار هذا العام. وفي عام 2015، أخرت الحكومة المدفوعات إلى شركات البناء، وهو ما دفع سعودي اوجيه وشركة بن لادن للمقاولات إلى التوقف عن دفع أجور الموظفين لشهور.
وبينما استأنفت الحكومة المدفوعات في العام الماضي، ما زالت شركة بن لادن تواجه صعوبات كبيرة للصمود، حيث انخفضت قيمة عقود البناء العامة من 60 مليار دولار في عام 2013 إلى 18.6 مليار دولار في عام 2016.
يذكر أن الأمير محمد بن سلمان كان قد أكد في مقابلة مع بلومبرج لعام الماضي، انه سيحترم التزامات الدولة تجاه سعودي اوجيه ولكن اذا لم تتمكن من دفع مستحقات المقاولين او العمال فان "هذه مشكلتها الخاصة".
وتعليقا على وضع الشركة التي يملكها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أكد مروان إسكندر، وهو خبير اقتصادي لبناني أنه ليس من الواضح ما سيحدث لأصول سعودي أوجيه ولكن فشلها يشير إلى أنه من حيث العلاقات الاقتصادية مع الحكومة، لا توجد هناك علاقة مميزة".