يختار البنك الدولي ميرفت عبد الناصر لتسلط عليها وعلى تجربتها الضوء، وميرفت تختار محافظة المنيا أو عروس الصعيد كما يطلق عليها المصريون، لتشهد تجربتها النور هناك. على بعد حوالي 320 كيلومترا من القاهرة، اختارت استاذة علم النفس وخبيرة المصريات قرية تونا الجبل بمركز ملوي لتقيم مشروعها "هرموبولس الجديدة - التراث من أجل التنميه". ويشير تقرير نشره البنك الدولي على موقعه الإلكترونني إلىى ابعاد المشروع السياحية والتنموية والثقافية. فالمشروع ليس مجرد قرية سياحية صديقة للبيئة أو الغرض منه مجرد التعريف بالآثار الموجودة في المنطقة وتشجيع الأحداث الثقافية مثل الحفلات الموسيقية، بل هو أيضا مشروع يهدف إلى تنمية المجتمع المحلي من خلال الكيان الذي أنشأته دكتورة ميرفت تحت اسم "مؤسسة دكتورة مرفت عبد الناصر للإبداع والتنمية". وتهدف هذه المؤسسة إلى تشجيع سيدات قرية تونا الجبل والقرى المجاورة على العمل وتعليمهن فنون الطهي وتقديمه على أيدي طهاة متخصصين. ومن جانبه، يساهم البنك الدولي في تمويل المؤسسة بمبلغ 25 ألف دولار. وهذا المشروع واحد من 35 مشروعا في 14 محافظة، معظمها في صعيد مصر، حصلوا على تمويل من "برنامج سوق التنمية مصر" الذي يديره البنك الدولي لتوفير فرص عمل في القطاعات الزراعية الريفية والحرف اليدوية بالاشتراك مع جهات دولية ومحلية أخرى. وقد أقيم المشروع على مساحة فدانين وعلى بعد أقل من ثلاثة كيلومترات من مدينة هرموبولس الأثرية في تونا الجبل والتي ترجع إلى العصور الفرعونية واليونانية والرومانية. ويشمل فندقا بني على مساحة فدانين على الطراز المعماري الأثري الذي اشتهرت به المنطقة ومركزا ثقافيا لاقامة الأنشطة الأكاديمية والفنية لصالح المجتمع المحلي والزوار الأجانب. وتعبر رضا، سيدة في العشرين من عمرها وأم لطفلين، عن سعادتها للعمل في المشروع كواحدة من الطهاة المحليات اللاتي يقدمن الطعام الذي يشتهر به صعيد مصر لزوار المكان. وتقول "حصلت على عرض بالعمل بعد أن غلبني الفضول لزيارة المكان. فقد كنت أعمل في الحقل المقابل مع عائلتي. وفي أحد الأيام، قررت الدخول والتجول في المكان حيث عرضت علي دكتورة ميرفت العمل". وتقول دكتورة ميرفت، التي قضت حياتها أستاذة لعلم النفس ومحاضرة في عدد من جامعات بريطانيا، أنه كان عليها احياء التراث المصري القديم من خلال اعادة طرح النظم المعمارية التاريخية وتقديم الأطعمة التقليدية التي بدأت في الاندثار فضلا عن تشجيع سيدات المجتمع المحلي على العمل. ولا تتوقف طموحات الدكتورة ميرفت عند هذا الحد بل تتخطاها إلى زراعة الاشجار التي اشتهرت بها مصر قديما علاوة على مزروعات أخرى مثل أشجار الزيتون والرمان. وتقول أم عمرو، وهي واحدة من سيدات احدى القرى المجاورة التي أتت للعمل في المشروع، فضلا عن تعلم فنون الطهي، فقد اصبحت أكسب عيشي. وتضيف قائلة زوجي يشجعني على العمل هنا. برنامج سوق التنمية هو برنامج منح تنافسي يهدف إلى مساندة المشروعات الاجتماعية القابلة للتوسعة والتكرار، والتي يمكنها المساعدة على إحداث تحسُّن ملموس في مستويات المعيشة والوصول إلى السلع والخدمات الأساسية للمجتمعات الفقيرة التي لا تحصل على قدر كاف من الخدمات. ويهدف برنامج سوق التنمية أيضا إلى حشد المساندة من المؤسسات الأخرى في مجموعة البنك الدولي والبلدان الشريكة ومنها الحكومات لتوسيع نطاق نماذج تقديم الخدمات الأكثر فعالية في الوصول إلى الفقراء. وقد قدم برنامج سوق التنمية منذ إطلاقه في عام 1998 أكثر من 60 مليون دولار في شكل منح إلى أكثر من 1200 مشروع مبتكر تم تحديدها من خلال المسابقات القطرية والإقليمية والعالمية. ويمول البرنامج في مصر البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية علاوة على عدد من الدول المانحة باجمالي 1.25 مليون دولار. ويحصل كل فائز على تمويل قدره 25 ألف دولار فضلا عن المساعدة الفنية للدفع بتلك المشروعات وخلق فرص عمل ولاعادة احياء والحفاظ على بعض من الحرف التقليدية المهددة بالانقراض في مصر.