بعد غد (غدا) سوف يلتقى رؤساء 22 دولة عربية فى شرم الشيخ، وسوف يكون عليهم أن يخرجوا من اجتماعهم بشىء يستجيب لطموح المواطن فى كل عاصمة عربية، وإذا لم يحدث هذا، فسوف يتساءل هذا المواطن نفسه: لماذا اجتمعوا إذن؟! ولست أريد أن أصف هذه القمة بأنها مهمة، أو أنها فاصلة، أو أنها تاريخية... إلى آخر الأوصاف التى تصاحب انعقاد القمم المماثلة فى العادة، فكل قمة هى مهمة، وهى فاصلة، وهى تاريخية، إذا ما نظرنا إليها ضمن الإطار الزمنى المنعقدة فيه، فإذا كانت قمة بعد غد تنعقد وسط ما تراه أنت حولك، فإن لك أن تعطيها ما تحب من صفات، غير أن انعقادها إذا كان مهماً فإن الأهم منه هو ما سوف تخرج به علينا فى ختام اكتمالها. ورغم أنى أكره كلمة «تفعيل» ولا أحب استخدامها أبداً، إلا أنى مضطر هنا لاستخدامها، ربما للمرة الأولى، لا لشىء إلا لأن الدكتور نبيل العربى، أمين عام الجامعة العربية، كان قد استخدمها فى تصريحات له، عقب لقاء له مع الرئيس السيسى، قبل نحو أسبوعين من الآن. يومها قال الدكتور نبيل إنه أرسل إلى وزراء الخارجية العرب، يطلب «تفعيل» اتفاقية الدفاع العربى المشترك. وأظن أن من حقنا عليه، اليوم، أن يذكر لنا شيئاً عن الوزراء الذين تفاعلوا مع دعوته ووافقوا، ثم عن أولئك الذين تهربوا من الموضوع، ورفضوا، لعلنا نعرف أين بالضبط نقف، كمواطنين عرب، وأين بالضبط، كذلك، يقف وزراء خارجيتنا. هذه واحدة.. والثانية أن حادث متحف «باردو» فى تونس إذا كان قد وقع يوم الأربعاء قبل الماضى، أى قبل انعقاد القمة بعشرة أيام فقط، فإن من بين مزايا وقوعه فى هذا التوقيت، إذا جاز أن يكون للإرهاب أى ميزة من أصله، أنه لابد أن ينبه القائمين على قمة شرم أن ملف الإرهاب لا يجوز أن يخرج من بين أيدى القادة المجتمعين، إلا وقد أخذوا فيه إجراء يقول إن الطريقة التى نتعامل بها معه، كإرهاب، بعد القمة، سوف تختلف عما كان قبلها! إن تونس كانت، ولاتزال، تعتبر الدولة العربية الوحيدة ربما، التى اجتازت اختبار ما نسميه «الربيع العربى»، وقد جرت فيها انتخابات رئاسية، وبرلمانية، واستقرت على دستور بتوافق الجميع هناك، ومع ذلك ضربها الإرهاب على النحو الذى تابعناه، بما يعنى أن هذا الإرهاب لا يستثنى دولة من بين الـ22، وبما يعنى أنه لا علاقة له بما أنجزت هذه الدولة، أو تلك، فى اختبار الديمقراطية على أرضها، وبما يعنى أن المعركة معه هى معركة الكل، لا معركة دولة وحدها، ثم بما يعنى أن اقتراح الرئيس بتشكيل قوة عربية مشتركة لابد أن يكون على رأس أولويات جدول أعمال الرؤساء المجتمعين، وأن يخرجوا وقد أخذوا فى هذا الاقتراح خطوة عملية على الأرض. وسوف تكون ميزة خطوة عملية كهذه أن المتربصين بهذه الأمة سوف يدركون، وقتها، أنهم أمام أمة تتكلم لغة واحدة، فى مواجهة تربصهم بها، وأن الدول الـ22 تمثل رقماً واحداً ومتماسكاً، لا عدة أرقام متفرقة. وعلى مستوى الجامعة، فإننى أتفهم تماماً أصوات الغضب التى تنتقد أداء الأمين العام، غير أنى أراه وقد انطبق عليه ما قيل عن رجل فى ظروف أخرى حين صح منه العزم، ولكن الدهر أبى! وسوف يتواءم الدهر مع عزم الدكتور نبيل، عندما ينظر الرؤساء المجتمعون فى مشروع قرار تعديل ميثاق الجامعة، وهو مشروع أشار إليه الأمين العام، فى كلمته أمام اجتماع مجلس الجامعة، على مستواها الوزارى، يوم 9 من هذا الشهر، وقال لوزراء الخارجية، يومها، إن هذا المشروع، مع مشروعين آخرين غيره، سوف يتم رفعها إلى الرؤساء فى اجتماعهم، لتكون لهم فيها كلمة. فإذا لم تكن لهم فى المشروعات الثلاثة، أو على الأقل فى مشروع تعديل الميثاق، كلمة واضحة وقاطعة، فسوف نكون أشبه بمن يعطى الدكتور نبيل سيارة موديل 1945، حين نشأت الجامعة، ثم نطلب منه أن يسابق سيارة موديل 2015، بل ويسبقها!.. جددوا سيارة نبيل العربى، ولا تستبدلوها! * نقلا عن "المصري اليوم"