تفاعل الكاتب والصحافي اللبناني سمير عطا الله مع مقال عضو مجلس الشورى السعودي عساف بن سالم بو ثنين حول العلاقة التفاعلية التي تربط الملك سلمان بالإعلام المحلي وكذلك الخارجي .
وأوضح عطا الله في مقال نشر في صحيفة الشرق الأوسط « كتب الأستاذ عساف بوثنين يوم الثلاثاء في الرأي، مقالاً بعنوان «الملك سلمان والإعلام الخارجي»، تحدث فيه عما عرفه من قرب عن المودات التي ربطت خادم الحرمين الشريفين ببعض كبار الصحافيين العرب. وقد عمل الأستاذ لسنوات طويلة إلى جانب الملك في إمارة الرياض، قبل أن يصبح عضواً في مجلس الشورى. »
وأضاف « أحب أن أضيف إلى المطالعة القيّمة، رأياً من جانب أهل الصحافة، وكيف عرفوا الملك. فقد اشتهر عن القادة السياسيين في العالم العربي أن كلاً منهم قرّب إليه صحافياً يعبّر عن آرائه وفكره وموقفه من الأحداث الجارية، ولعل أشهر الأمثلة كان عبد الناصر ومحمد حسنين هيكل. لم يجتمع حول أي مسؤول عربي عدد الصحافيين الذين اجتمعوا حول الملك سلمان. »
وتابع « لم يحاول أن يفرض رأيه على أحد، بقدر ما ينقل أفكاره ويعبر عنها بطريقة أخّاذة. وكان كبارهم يشعرون أنهم ليسوا فقط مقتنعين باستقامة مواقفه، بل شركاء في اتخاذها. ولطالما بان وكأنه يكتب المقال برمّته، بأسلوبه وعلى طريقته. وكان رجال مثل غسان تويني وأحمد بهاء الدين ومصطفى أمين، يشعرون بالاعتزاز والثقة وهو يخاطبهم بالاسم الأول، محدثاً عن أدق التفاصيل، مشاركاً بكل ما يعرف، وفائزاً دائماً بطريقة العرض وصدق القول. »
و أشار عطا الله « تعامل الملك مع الصحافة على أنها جزء من متعة القراءة عنده. وكان يُشعر الصحافيين أنه يرافق حياتهم ومهنتهم ومسؤولياتهم أكثر مما يفعلون. وكان يتفهم شطحاتهم ومنافساتهم وخصوماتهم، ويرعى المصالحات فيما بينهم، ضاحكاً من نوافل الأشياء. ولطالما ساعدته ذاكرته العميقة في استعادة التفاصيل ومعرفة البشر وتجاهل نقاط الضعف في الناس. »
وأوضح « قال مرة لغسان تويني، ملمحاً إلى بعض ما يصدر في «النهار»: «نحن لا نقرأ (النهار) في الرياض، بل في شارع الحمراء ونقرأ ظروفك وظروف لبنان. لكن نحن أيضاً دولة، وللدولة ظروفها، مثلما للجرائد ظروفها».
وفي ذات السياق أكد الكاتب اللبناني « لم تشغله شؤون الدولة عن متعة المعرفة. وكما أفاد من طاقاته التنظيمية المشهودة في الإدارة التي لم تبعده عن متعة الفكر والأدب، يحرص على إبقاء فسحة دائمة للصحافة، مرئية أو مكتوبة. فالصحافة العربية لم تعرف هي أيضاً راعياً وصديقاً في مثل مكانته وحرصه. وإذا ما عامل الصحافيين العرب كأصدقاء، فقد عامل الصحافيين السعوديين كأبناء. ويعرف ذلك، أكثر من سواهم، الرجال الذين عملوا ويعملون إلى جانبه، مثل الأستاذ عساف. فهم أيضاً خبروا عن قرب، ذلك الأسلوب الفائق في إدارة الملك. »
وكان عضو مجلس الشورى السعودي عساف بن سالم بو ثنين قد أكد في مقال سابق في نفس الصحيفة أن الملك سلمان هو من صنع القفزة الريادية التي جققها الإعلام السعودي ذلك أن « العلاقة بين الملك سلمان والإعلام هي جزءٌ من علاقة وثيقة أشمل وأعمق تربطه بالقراءة التي شُغف بها منذ وقت مبكر من عمره ».
وتابع بو ثنين « تعود بداياتها إلى مرحلة تواصله المستمر - آنذاك - مع مستشاري والده الملك عبد العزيز (رحمه الله) في الديوان الملكي لقراءة الصحف والمجلات العربية التي كانت ترد لمسؤوليه كإحدى مصادر المعرفة السياسية ورصد الأحداث في المحيطين العربي والدولي. كان لافتاً أن متابعته لها لم تكن لمجرد الاطلاع والتسلية، وإنما للغوص في مضامينها، واستنباط رسائلها بتشعباتها المختلفة، ويصاحب ذلك تحليل دقيق لأبعادها، وكذا استشراف عميق لآثارها المحتملة. وهذه السمة هي التي جعلته يدرك بشكل فطري تفاصيل مهمة في صناعة الإعلام، ويفطن للمقومات المهنية التي تضمن نجاحه. ونتيجة لاهتمامه وشغفه بهذا الجانب أصبحت قراءته للصحف السعودية ونشرة وكالة الأنباء السعودية، جزءاً رئيسياً في برنامجه الصباحي سواء داخل المملكة أو خارجها. »
وبقدر الأهمية التي منحها للإعلام السعودي « كان الإعلام الخارجي هو الآخر يحظى بأهمية خاصة لديه، حيث يطلع يومياً بشكل مفصل على أهم ما تنشره الصحف العربية من أخبار ومقالات عن المملكة تحديداً، وعن الأحداث العربية بشكل عام، ولعل هذا ما يفسر معرفته الواسعة بالإعلام العربي وصحافته، وبأبرز رموزها وكتابها الذين تربطه بكثير منهم صداقات واتصالات استمرت على مدى سنوات طوال. وكما عُرِف عن الملك سلمان بأنه صديق الصحافيين والكتاب المحليين فقد عرف عنه الأمر ذاته مع أقطاب الصحافة العربية، وكان من أبرزهم كامل مروة، وسليم اللوزي، وغسان تويني، وملحم كرم، وبسام فريحة، ووليد أبو الظهر، ونبيل خوري، وسليم نصار، وأحمد الجار الله، ومحمد جاسم الصقر، وعبد العزيز المساعيد، ومصطفى وعلي أمين، وأحمد بهاء الدين وغيرهم. »
و أوضح عضو مجلس الشورى السعودي أن « لقد نجح الملك سلمان في إظهار مواقف المملكة الإعلامية وتبيان صورتها الحقيقية من خلال دحض المغالطات والإشاعات، وعرض الحقائق وتبيانها، كما كان له دور كبير في دعم المطبوعات والمجلات التي كانت تصدر في لبنان وأوروبا، وذلك بهدف استمرارها مجلات وصحفاً لها تاريخها ومكانتها الإعلامية، وكثيراً ما تردد هؤلاء الصحافيون على زيارة السعودية وبقوا على تواصل مستمر معه.
ولم يقتصر إهتمام الملك سلمان بالإعلام « منذ أن كان أميراً للرياض على الصحف العربية فقط، بل شمل الصحف العالمية كذلك، فقد كان مسانداً لأي صحافي أو كاتب أجنبي يزور المملكة، وغالباً ما يقترح عليه إضافة بعض الأماكن التي تثري برنامج زيارته خصوصاً المناطق التاريخية، ويوجه بتوفير مرافقين ومترجمين لمساعدته في أداء مهامه، وكثيراً ما كانت تنتهي زياراته بلقائه بالإمارة للإجابة عن استفساراته، وللتأكد من أن هذا الزائر توفر له كل مجالات بحثه. »
ويذكر بوثنين أن « الصحافيين الأجانب وجدوا في الملك سلمان، بما يمثله من ثقل سياسي ومعرفة عميقة بتاريخ المملكة، شخصية مثالية لا بد أن تكون في قائمة أولوياتهم للخروج بتغطية إعلامية قيمة عن السعودية. »
و « إستثمر الملك سلمان هذه الفعاليات لتوثيق علاقة المملكة بوسائل الإعلام العالمية بشكل فاعل، فحرص عندما كان مشرفاً ورئيساً للجنة المنظمة لمعرض «المملكة بين الأمس واليوم»، على دعوة الوفود الصحافية الأوروبية من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وأميركا وكندا لزيارة المملكة والاطلاع على الحقائق بشكل مباشر. »
وقد كانت من أبرز رسائل الملك سلمان في لقاءاته مع الصحافيين قوله: «إننا في السعودية لا نخشى الصحافي الذي يكتب عن السعودية، وهو قد زارها واطلع وعرف الحقائق عنها، لكن الذي نخشاه هو الذي يكتب وينتقد السعودية وهو لا يعرفها ولم تسبق له زيارتها»، وعُرف عنه في هذا الصدد عبارة شهيرة فحواها: «إن أبوابنا مفتوحة لكل باحث عن الحقيقة».
كما كان « الملك سلمان أيضاً يستقبل رؤساء الصحف وأبرز الإعلاميين في كل مدينة أقيم بها المعرض، يستمع لآرائهم حول المملكة، ويجيب عن أسئلتهم، وأسهم هذا في تشكيل صورة كاملة لنظرته الاستراتيجية للإعلام السعودي الخارجي. »
وقد حرص الملك سلمان وفق بوثنين على تدوين الملاحظات و المعلومات التي يذالعها في الصحف اليومية ليطلب بعد ذلك « معلومات أوسع عن موضوع أو قضية ما طرحها أحد الكتاب، أو ليوجه بتوضيح الحقيقة لمن جانبه الصواب في طرحه، فقد كانت قاعدته العملية أنه إذا كان ما كتب صحيحاً نستفيد منه، وإذا خلاف ذلك يبلغ المصدر بالحقيقة لتوضيحها.
وأشار بوثنين « أثبت تاريخ الملك سلمان الإعلامي، الذي يتمحور في غاية جوهرية تكمن في إظهار مكانة السعودية إعلامياً في الوطن العربي وأمام العالم الخارجي منذ أن كان أميراً لمنطقة الرياض، أنه في واقع الأمر يمثل رافدا قوياً للإعلام السعودي الذي يتابع ويتفاعل بدقة مع ما ينشر في الأخبار والصحف، فيناقش المخطئ ويشكر المجتهد، وكان دائماً قريباً من كل القيادات الإعلامية مسانداً لهم في كثير من قضاياهم الشخصية أو العملية. »