العمل في السوشال ميديا يمنحك غرفا إضافية في دماغك؛ ويجعل منك أقرب إلى مواطن عالمي من أن تكون فقط بجنسيتك ؛ منذ فترة وبحكم عملي مع واحدة من سلسلة المقاهي العالمية والتي تنحدر من استوكهولم من السويد كونت شبكة أصدقاء سويديين...
السويد التي يعرفها العرب في صورتهم الذهنية كمساحة تحتمل ملامح المدينة الفاضلة؛ حين تقول السويد لمواطن عربي بشكل عام ترتسم في خياله كلمه ايكيا؛ الخشب السويدي؛ وينز كوفي ؛ اريكسون و بصور عامة المملكة الفاضلة.
السويد التي هي من الدول الأعلى تصنيفا في مؤشرات الحياة المثالية؛ و يعرفها العالم العربي من خلال حساب السويد بالعربية الذي ما أن يطرح تغريدة ما عن السويد إلا وتداولها العرب عادة كمادة للتندر والمقارنة بينها والعالم العربي كمادة للتهكم !
السويد البلد التي تقبع في شتاء طويل؛ وتترامى فيها البحيرات ويمكن لك أن تفتح باب منزلك الذي يشبه الكوخ الضخم وتمشي جوار البحيرة؛ بين الأشجار الكثيفة؛ والبيوت التي تتلون بالاصفر والأحمر مثل أفلام الكارتون؛ الالوان الدافئة التي هي أكثر ما يحتاجها الفرد السويدي هناك حيث درجات الحرارة التي ببساطة قد تنخفض لأكثر من 10 درجات مئوية تحت الصفر!
الشعب الأكثر من مؤدب؛ والذي يحتاج تبديد وحشة النهار الداكن الغيوم معظمم أوقات السنة من خلال طقس وقعت في غرامه مؤخرا هو طقس fika؛ حيث استراحة قصيرة لشرب القهوة وتناول أطعمة خفيفة بين الأصدقاء ومع الأهل..
الفيكا هي الكلمة الممزوجة بين الطقس الاجتماعي والعرف السويدي والتي تشكل جزءا من هوية الحياة الاجتماعية هناك! كعكة صغيرة من الزعفران على شكل حرف s مع قهوة داكنة، وكعكة ممزوجة بالقرفة وباستا محضرة منزلية من مكونات طازجة وعصائر تحضر في المطبخ السويدي وكل مرة بنفس الأناقة والحرص على أن يكون المطبخ عامرا بالوجبات المحضرة يدويا...
أعتقد من خلال اللحظات _ التي شاركني بها للحياة السويدية_أحد الأصدقاء هناك؛ أن الشعب السويدي يعرف ماذا يتناول؛ فلا أطعمة يوميا من المطاعم السريعة ولا يمكن أن تكون الوجبات المشبعة بالزيوت هي الخيار الأمثل للفرد السويدي الذي يعرف كيف يعتني بصحته ويدرك كم يحتاجها ليستمتع ببلاد لا يمكن وصفها بأنها من أجمل بلاد العالم..
تطبيق "واتساب" مثلا ليس شائعا هناك واحترام الخصوصية شيء مقدس هناك؛ تواصل هناك من خلال الرسائل القصيرة؛ والحديث حول السياسة وشتم السياسيين ليس من اهتمامات الشعب السويدي الذي يعيش حياته بمتعة سائح.
الشعب الذي لا يُصدم حين تخبره أنك تقوم بعمل تمرين
يوجا يوميا لأنها أسلوب حياة لدى كثير من الناس هناك؛ كل شيء في روتين حياته منظم لحد بعيد وأكثر بكثير مما نحن العرب الذي يحكمنا العاطفة ويسيطر علينا اللاتخطيط...
عشاء الجمعة هو طقس مشهور هناك؛ حيث يبدأ السويديون عطلتهم الأسبوعية مبكرا بمساء دافئ مع العائلة أو الأصدقاء؛ العناية بالوالدين وكبار السن أسلوب يتربى عليه الأبناء؛ الذين يمنحون جزءا من العطلة الأسبوعية العائلة وخاصة الأجداد...
وجود العمالة المنزلية أمرا نادرا هناك؛ الكل يعمل وينظف مكانه ويرتب أموره؛ فالحركة هناك مستمرة ولا عاصفة ثلجية توقفها ولا درجات تجمد تمنعها....
السويدي فخور مثلا في تطبيق "سبوتيفاي" الشهير. للاغاني والموسيقى؛ ويستخدم لغته السويدية في معظم حياته محادثة وكتابة؛ ولكنه يجيد الانجليزية بشكل يفوق الدول المجاورة للسويد...
القهوة هناك سيدة النهار؛ يمكن أن توقع صفقة مهمة في حضور فنجان قهوة وقطعة صغيرة من الكعك السويدي؛ أما الولائم الضخمة باللحوم والأرز والكميات الهائلة فينظر لها السويدي انها تبديد المال والوقت والموارد ...
السويدي مواطن عالمي وليس متمرسا في حياته بل منفتح نحو الثقافات الأخرى واحترامه لها نابع من كونه مؤمن أن العالم وموارده هي ملكا للجميع؛ والدليل كم احتضنت السويد من لاجئين حول العالم...
قد يكافئ السويدي طفله يوم السبت فقط بقليل من الحلوى والكاندي؛ حفلات العشاء هناك بسيطة ومعظمها يكون مسرحها المنزل السويدي الذي يجمع الأصدقاء على أطباق جميلة وشهية وأجواء من الحميمية والدفء...
السويد فاتنة حقا لكن الجزء الأكثر فتنة هو أن كيف تركت البلاد الباردة لمستها على الشعب الذي يعرف كيف يعيش !