يمكن قراءة القناة الفضائية وبرنامجها «الحواري» من مشاهدة حلقات محدودة، تستطيع معرفة هدف البرنامج وإمكانات وتطلعات من يديره، وحتى أخلاقه، عندها يمكن لك وضعه في المكان المستحق. هذه النقاط تحدد، في تقديري، مسألة مشاركة «ضيف» في هذا البرنامج أم لا، فللحوار لغة راقية وهدف مشترك، وللمهاترات لغة واطية، وليس من يجيد الأولى قادراً على التمرغ في وحل الأخيرة، إنها تخصص دقيق. هناك كثير من القنوات الفضائية تعتاش على جمع أطراف للمصارعة...! أحياناً تكون مرتّبة، وفي أحيان أخرى تكون مصيدة لا علاقة لها بعنوان مطروح، قنوات لبنانية أو تبث من لبنان، من هذا النوع، أثرها محدود جداً يتسع فقط إذا استطاعت جذب مشارك من وسط أوسع وأعرض ومستهدف «إعلانيا»... و«سياسيا». ومثلما أن هناك أثرياء حروب من وسطاء السلاح وتجاره هناك أيضاً أثرياء صراعات ممن يوصفون بالإعلاميين زوراً، يتقلبون تقلب المرتزقة، إعلامياً لم تعد هناك حاجة إلى النقاش أو الحوار «الإعلامي» في قضايا مصيرية مع أصحاب دكاكين لسانية، ذخيرتهم مفردات سقطت بسقوط من رفعها شعارات، ومهما كانت الدعوة لطيفة ناعمة في بداياتها، فإن الأمر لا يستحق التفاتة، ثم إن هناك حقيقة ووثيقة مصورة للتاريخ حسمت الالتباس الذي بقي منه القليل لدى البعض، في قضية إيران ومشروع هيمنتها على العرب بالسلاح والإعلام الموجه، ورؤوس حربتها من أحزاب لبست عباءات تحرير القدس برفع اللافتات، هذه الوثيقة لم تستوف حقها من التشريح الإعلامي والنفسي، على رغم أنها صدرت بالصوت والصورة من سيدهم وقدوتهم، خطاب حسن نصرالله الأخير وثيقة تاريخية، يستحق التدريس لفهم التطبيق العملي للتدليس، درسٌ في احتقار العقول والأفهام، وهو «المرجع» والقاموس الأول لكل هؤلاء، إذ لا يستحق أمثالهم قيمة، وكيف نصنع قيمة لمن لا قيمة له، وكما قال أجدادنا «الحقران يقطع المصران». *نقلا عن "الحياة"