-بعيداً عن ذلك الخطاب البائس لحسن نصر الله وعن تلك الورقة الاقتصادية المتواضعة لسعد الحريري
جاءت ثورة اللبنانين بانورامية تجاوز بها الشارع اللبناني تواضع السياسيون العتاقى وكشفت عوار ما صنعته المذهبية والطائفية والأيديولوجيات ببلد كلبنان ،حيلته الجمال والتنوع ، ولايجيد أكثر من تصدير الفرح والحب
صعد الشارع بالموسيقى عالياً
حلقوا بها نحو مكانتها التي تستحق ، فكانت هي الوطن
وتجاوزت الأجيال الواقع المؤلم والوجع الدفين بالنغم والنشيد وهتافات حب الوطن في ثورة البانوراما
على أنقاض الوجع وقف اللبنانيون بالقوة الناعمة (الفن ) وبصوت فيروز الذي تعتق حباً للبنان وهي تصدح على مدار ٤ أيام في كل أرجاء لبنان
(بتسأل شو بني
وشو اللي مابني
بحبك يالبنان يا وطني
—————
سألوني شو صار ببلد العيد
مزروعة عالداير نار وبواريد
قلتلن بلدنا عم يخلق جديد)
——-
نعم ،لبنان (عم يخلق من جديد)
هذا هو إرث لبنان الحقيقي (الفن العظيم) القادر على هزيمة الأيديولوجيا التي أراد الساسة صبغ وجه لبنان بها فشوهوه
كم هي عظيمة هذه الفيروز حين تشيح بوجهها للريح وتهب الكون صوتها الذي يشبه أرز لبنان
ليتعالى تحته أنين المسحوقين
متفجرين بغضب في وجه السياسي الذي رهن مصير بلاده لنزاعات لاتعنيه
كم هو مبهج أن تتعلم الأجيال الوقوف خلف أغنية تكفر بالمذهب والجهة ،أن تتوسلها بثبات وبروح الصمود والحرية والإصرار على الحياة والبهجة والفرح
لبنان يثبت للعالم أنه بالفن تتهذب سلوكيات الناس حتى في أكثر البيئات التي خلقت المذهبية فيها أجواءً من التوحّش،
تعيده فيروز إلى معدلاته الطبعية حين تصرخ بحب الوطن:
عندك بدي إبقى و يغيبوا الغياب
إتعذب و إشقى و يا محلا العذاب
و إذا إنتا بتتركني يا أغلى الأحباب
الدنيي بترجع كذبة و تاج الأرض تراب
بفقرك بحبك و بعزك بحبك
أنا قلبي عاإيدي لا ينساني قلبك
و السهرة عا بابك أغلى من سني
ويسهر الثوار في حديقة صوتها حتى تباشير الفجر الواثق من انبلاج الغد
رغم كل ما مر ويمر بلبنان من صعوبات وحروب ونزاعات ودمار جاء الشارع متوجاً بالفن وأحال اللحظة حفلة حب وولاء
ينتحر عند أعتابها جهل السياسة والمذهبية المقيت
(بقي اللبنانيون حيث الغناء
ليقينهم أن الأشرار لايغنون )