جاءت رؤية ٢٠٣٠ لتطرق أبواب القطاع الحكومي وتوقظه من سبات طال أمده، فكان اول صباحهم على برنامج التحول الوطني وإنشاء المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة وغيرها من البرامج والمراكز التي لسان حالها يقول للأجهزة الحكومية "صبح صبح".
استيقظت الأجهزة من ذاك السبات فسارع كل جهاز بطريقته ليحقق مطالب الرؤية إما بفتح مكتب تحقيق الرؤية أو حوكمة العمل المؤسسي وأتمتته (التحول الالكتروني) أو بتمكين قيادات نسائية أو قيادات شابة، الاستعانة بشركات استشارية أجنبية ذات ميزانيات مهولة، فكان صباحهم محموما لجمع شتاتهم ليحافظوا على استدامتهم في ظل رؤية لها أهداف لعل من بينها ان يصل الأداء الحكومي ليكون من بين العشرين الاوائل عالميا تميزا في ٢٠٣٠.
إن المراقب للأداء في بعض الأجهزة الحكومية يرى أنها كانت تعادي كلمة استدامة فوقعت في رحلة التأسيس من الصفر، إن الرؤية كانت بمثابة التقييم الذاتي الذي كشف عن نوع غريب من القيادات - والذي ما زال موجودا من خلال اللوبي القديم في كل جهاز - وهو النمط الذي لم ينشئ لعمل مستمر يكمله من يليه او يستفيد منه فلا يوجد آلية واضحة أو أهداف محددة تجعل منسوبي الأجهزة من موظفين يدركون لماذا هم هنا وكيف يمكن أن يستفيدوا في تكوين خبرات وتطوير امكاناتهم ويفيدوا هذا الوطن كل في مجاله.
من المفارقات التي كشفتها الرؤية وبرامجها ان وزارات مسؤولة عن قطاعات مهمة للمواطن والدولة لم يكن لديها خطة استراتيجية وإن وجدت فهي في الأدراج - بعد أن سلمتها الشركة الاستشارية الأجنبية -، غياب قواعد البيانات عن كثير من القطاعات - لذا بت أتساءل عن مصدر ارقامهم السابقة -، بتغير قيادة أي قطاع تتغير مشاريع و تموت أخرى وتدب الحياة في أخرى جديدة، الموظف الحكومي في الجهات التشغيلية غائب عن التطوير عكس من هم في الإدارات العليا المصابين بتخمة التطوير والدورات الخارجية دون أي أثر يذكر لهذا التطوير على تلك الأجهزة.
إن ما ذكرته من اكتشافات هي بمثابة مؤشرات على غياب العمل المؤسسي المستدام، ولعل بعض التخبطات التي رأيناها في بعض الأجهزة، بعد بدئهم في برنامج التحول الوطني ٢٠٢٠، من اغراق في المبادرات واستهلاك اسم الرؤية في مشاريع صوتية، يكون دافعا لبرامج الرؤية المعنية، في متابعة و ارشاد القطاع الحكومي ليكونوا على الطريق الصحيح، أن تختار بيوت خبرة من بين تلك الأجهزة والتي تقوم بأفضل الممارسات ليتم الاستفادة منها من قبل الأجهزة التي تعاني التخبط والهدر.
إن أول من يشعر ببصمة الرؤية على أي جهاز حكومي هو المستفيد/العميل، وان وجود الأجهزة الحكومية لم يعد من الثوابت فبين يوم وليلة يمكن خصخصته ويا دار ما دخلك شر، فهل من متعظ.