المملكة العربية السعودية بلد الاعتدال والبساطة على مدار أربعين عاماً. ففي عام ١٩٧٩ حصل حدثٌ جلل عمّ منطقة الشرق الأوسط تمثل في سيطرة المتظاهرين الإيرانيين على الوزارات والمؤسسات السيادية مما أدّى لسقوط الشاه ونشوء نظام إيراني مشوّه الخلق والخلقة. فصعد على سدّة الحكم رجل الدين المتطرف، والطائفي المعروف بالخميني.
الخميني ركب موجة الشعوب وبدأ بحلم تصدير الثورة للدول العربية والعجب أن لا دولة تتحدّث الفارسية في المنطقة سوى إيران، فعلى أي أساس يستهدف الخميني الدول العربية؟ حينما بدأ بتصدير ثورته المزعومة، استغلّ أعداء الوطن والوطنية (البلد القُطري) متمثلين برجال دين وكهنوت ليستعدوا الشعوب ضدّ حكّامها كي تتسنى لهم الفرصة لترسيخ جذور فكرهم الدخيل على الوطن، والمجتمع، فيحكموا السيطرة على البلد برمّته تحت اسم ”الصحوة“، وأطلقوا على أنفسهم أوصافاً ونعوتاً لا تطلق إلا على العباقرة من الفلاسفة. فأحدهم علّامة، والآخر فضيلة الشيخ، والثالث العالم، ومجموعة منهم كانت أكثر تطرفاً في الأمر فأطلقوا على أنفسهم وجماعتهم العلماء الربانيين وكأنّهم شقّوا عن صدور جماعتهم ليطّلعوا على بواطنها! وخلقوا انطباعاً لدى جمهور الشعب أن من لم يكن داخل هذه الدائرة فهو عالم سلطة، ومنافق لا يؤخذ منه، ولا يُعتدّ برأيه.
حتى أن أحدهم أغلظ القول على فضيلة مفتي البلاد حينهاالشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز ووصفه بالجبن، ومداراة السلطة على حساب الدين والعقيدة! مع أن هذا الشخص لم يكن يتجاوز الثلاثين من عمره في وقتها! لقد مارسوا جميع أنواع التشبيح على كل من لم يكن من ضمن عبائتهم. لم يتركوا شيخاً، ولا عالما، ولا أديباً، ولا شاعراً، ولا كاتباً، لم يمارسوا ضدّه صنوف التفسيق، والتبديع، والتخوين، والمروق من الملة حتى وإن لم يصرحوا بذلك بشكل مباشر خوفاً من القضاء الذي لا يجرؤون على التطرق عنه بسوء لأنه يحكم بالشريعة. لا أعلم ما هي هذه البلد التي تحتاج إلى صحوة إسلامية وكأنّها كانت في سبات عن الدين مع أن الدستور هو القرآن الكريم، والشريعة الإسلامية هي التي تطبّق في محاكمها. فعن أي صحوة يتحدّثون! هذه الحالة المتأزمة التي خلقوها وأغرقوا الوطن في وحلها جعلت منهم *مسيطرين على الحياة الاجتماعية*، فلقد أصاب الناس شيء من الكآبة، والإحباط المرير ممّا ولّد لديهم الرغبة بالإنطواء، والركوم بعيداً عن الشأن العام. فبدأً من التعليم العام وانتهاءً بالجامعات، بل حتى كليات الطب سيطروا عليها واستطاعوا ان يصلوا بطرقهم الملتوية فيتلاعبوا بكشوف الدرجات، وأخرجوا التلاميذ المنتمين لفكرهم بدرجات لم يكونوا يستحقّوها تحت ذريعة محاربة أعداء الله! كل هذا خلق لدى مبدعي الوطن رعبا حقيقيا على ذواتهم، وعلى أسرهم، وعلى أرزاقهم فلم يكونوا يتوانون عن محاربة المثقفين بوظائفهم التي يعتاشون منها مما جعل الشريحة الأعظم من كتّاب ومثقفيّ بلدنا ينزوون خلف بيوتهم إحباطاً وخذلاناً. أعرف روائياً خرج من عبائتهم فلم يألوا إلّاً ولا ذمّةً في محاربته، حتى أنهم كانوا يفرغون شباباً من عندهم كي يذهبوا للمكتبات ويطلبوا منهم عدم بيع كتب هذا الأديب! تنطبق عليهم الآية القرآنية (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة). أصبح الجو العام متأزم وأفضل مكان للترفيه لدى الشعب هو المطار مغادراً للخارج. خلقوا من البشر جمادات لا حس ولا شعور.
الشعب أصبح حلمه السفر كي يعيش كإنسان طبيعي بضعة أسابيع ومن ثمّ يعود لبلده وروتينه في الحياة وهكذا دوّامة لا تنتهي حتى تبدأ من جديد. المفاجأة السارّة هي الفكر الذي حمله ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حيث أعاد للشعب روحه المغتالة فأحيا الحياة في النفوس وبثّ السرور بين أبناء الشعب من خلال مواسم الترفيه في أرجاء الوطن، فأصبحنا نرى أبناء جلدتنا من المطربين من أمثال راشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله وفنان العرب محمد عبده والذين لم نكن لنحلم بمشاهدتهم وهم يحلقون في سماء الفنّ والإبداع في وطنهم، إضافة إلى العديد من الفعاليات الشعبية والعالمية، وشباب الوطن وفتياته مسرورين سعيدين بالحياة الجديدة التي بثّت في بلدهم والتي كانوا يفتقدوها من قبل. الأمير محمد بن سلمان عمل على إزالة التأزم في الجو العام. وجعل من الشعب أفراداً طبيعيين كغيرهم من الشعوب الأخرى، يحتفلون ويحظرون الحفلات والمهرجانات وغير ذلك. روحاً جديدة بثّت وكأنّ شعباً جديداً خلق. فشكراً لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.