في المجتمع الدولي والذي يعد عنصر القوة أحد أهم مسببات التأثير به ، وفي عالم صنع السياسات الخارجية تحرص كل دول العالم كانت الكبرى أو المحورية وحتى الهامشية على تدعيم وتنويع القوة في شكلها الصلب والناعم بما يحقق المصالح الوطنية ، ويخلق تأثير إيجابي وصورة جيدة لدى شعوب الدول الإقليمية وكذلك بقية دول العالم ، وهذا يصب في تحسين الأداء الدبلوماسي (الشعبي) غير الرسمي وبما يحقق الأرباح المعنوية والمادية لكل دولة.
ولأن كرة القدم أضحت الرياضة الأولى على مستوى الرياضات بتنوعها وتعددها إلا أن هذه المستديرة الساحرة صنعت لها تأثير بالغ لا يمكن إغفاله على مستوى الدول والأندية والمشاهير ممن ينتمون لها لاعبين ومدربين ، فأصبحت أحد أهم القوى الناعمة والتي قد يصنفها المتخصصين ضمن العمل الثقافي في شكله العام إلا أنني أرى أنها تأخذ شكلها الخاص والقائم بذاته رياضياً في القدرة والـتأثير على الشعوب، كما نجد ذلك في أندية عريقة لها جماهيرية عبرت مدن ملاعبها إلى كل القارات مثل مانشستر يونايتد وريال مدريد ويوفنتوس وكذلك سان جيرمان الباريسي.
في ذهاب نهائي دوري أبطال آسيا بين ناديي الهلال السعودي و نادي أوراوا ريد دايموندز الياباني كانت الأبصار شاخصة لهذا الحدث الكروي والقاري والذي يهم شرائح مجتمعية كبيرة جداً حتى من خارج أكبر القارات في العالم ..قد لا يعنينا هنا السيناريوهات ولا حتى المآل المنتظر للظفر باللقب ، وكذلك النتيجة والتي فرح بها الكثير من مشجع النادي السعودي والمعجبين به وكما أنها كانت سبب سخط الكثير من المناوئين والخصوم على المستوى التنافس الكروي خصوصاً في العاصمة الرياض .
إن نموذج "فريق الهلال السعودي" لكرة القدم يعد الرقم الأصعب والماركة الأكثر رواجاً والقميص الأكثر تداولاً على مستوى الخليج وحتى الوطن العربي بشهادة أرقام الاستفتاءات والوكالات المتخصصة في كرة القدم، وما أدل من ذلك إلا عديد الفيديوهات المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي الداعمة لهذه الفرضية بعد مباراة الحدث الذهاب في الرياض والتي أكدت أن هذا الفريق يملك الكثير من المعجبين وكذلك المشجعين والمتابعين ، ومن خلال نمط الجاذبية التي يحظى بها الفريق لدى المتابعين بمعايير كروية محضه سواء تعدد الألقاب أو العناصر المؤثرة من اللاعبين محلياً وعالمياً ، كذلك جمالية الأداء الميداني ، والتفوق المؤسسي وكذلك العمل الاجتماعي العالمي الذي مكنه من الحصول على جوائز عالمية عدة في المسؤولية الاجتماعية على مستوى أندية العالم لدى هذا النادي العريق ، ومن الأدلة المشاهدة على كراسي الحضور في بعض نزالات الفريق الهامة والمفصلية نرى تواجد الكثير من اللاعبين السابقين الأجانب لممارسة تشجيع فريقهم السابق وذلك بدافع عاطفي وتشجيع مستقل دون توجيه دعوة لهم مسبقة أو حتى قدوم لأهداف أخرى .
بقي أن أشير إلى أن الهدف الرئيسي لفكرة هذا المقال ليست من باب التفضيل على أسس رياضية صرفة ولكن قصدت كيف أن الهلال السعودي أصبح قوة ناعمة لا يستهان بها في الدبلوماسية الشعبية وصورة إيجابية ليس للتطور الكروي المتصاعد في المملكة العربية السعودية وحسب بل لأهمية وقوة تأثير هذا الفريق على جذب أنظار محبي كرة القدم في العالم ككل للسعودية وحثهم على معرفة المزيد عنها اجتماعياً ورياضياً وثقافياً في ظل الاستراتيجية العملاقة لصناعة الترفيه التي تقوم بها الهيئة العامة للترفيه في المملكة والتقدم الرياضي نوعأً وكماً من قبل الهيئة العامة للرياضة ؛ وهذا يسهم بشكل أو بآخر في دعم صناعة السياحة وتقوية الاستثمارات القائمة والمخطط لها ، وأيضاً وهو الأهم صناعة صورة ذهنية جميلة وجاذبة عن شعب وأرض المملكة العربية السعودية لدى شعوب كل دول العالم أجمع.
*كاتب متخصص في الاتصال السياسي