تسير المملكة العربية السعودية بخطى واضحة وثابتة في حربها على ضد جماعة الحوثي في اليمن، وترفض التراجع دون تحقيق اهدافها رغم التخاذل العربي والدولي الذي بدا واضحا . فالمسؤولية السعودية بحماية ملايين العرب السنة من الانهيار أمام التقدم الشيعي المنسق للقوة الإيرانية في العراق وفي سوريا والآن في اليمن، ووفائها بعدم تسليم مهمة حماية السنة إلى القاعدة وداعش في صراع إقليمي يهدد على المكشوف بالتحول إلى صراع طائفي، يجعلها تقف في المقدمة دون تخاذل او تراجع . مع دخول عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن أسبوعها الثالث، بدى التردد والتراجع واضحا في موقف بعض الدول فباكستان الحليف المقرب للسعودية، أعلنت امتناعها عن المشاركة في الحملة العسكرية التي تقودها الرياض في اليمن بحجة رفض البرلمان الباكستاني وفي رد على أول طلب للسعودية بالانضمام إلى الحلف، صوت البرلمان الباكستاني برفض المشاركة في "عاصمة الحزم". وطالب البررلمان الباكستاني الحكومة بالحيادية في الصراع في اليمن حتى تتمكن من لعب دور دبلوماسي وقائي لإنهاء الأزمة، معربا عن دعمه الكامل للمملكة العربية السعودية. وأوضح مشروع القانون الذي تم التصويت عليه أنّ باكستان ستقف كتفا بكتف مع السعودية وشعبها في حالة انتهاك سلامة أراضيها أو وجود أي تهديد للحرمين الشريفين. وأعرب برلمان باكستان عن قلقه الشديد لتدهور الوضع الأمني والإنساني في اليمن وتداعيات ذلك على السلام والاستقرار في المنطقة. وصرح البرلماني الباكستاني المعارض غلام أحمد بيلور"إذا تدخلنا في اليمن سيندلع حريق كبير في بلادنا من جديد، جيشنا ليس جيشا للإيجار". وبالعودة إلى ما قبل "عاصفة الحزم" أكد مصدر سعودي مطلع أن باكستان أصبحت في قلب استراتيجية سعودية واسعة النطاق ومتعددة الأهداف للتصدي لـ "الخطر الإيراني" في المنطقة. وكشف المصدر لصحيفة "العرب" اللندنية أن " المملكة أكدت إعلاميا في أكثر من مناسبة عن اتخاذها قرار المواجهة الاستراتيجية مع إيران ، مضيفا "لذلك قررت السعودية التحرك لدعم باكستان التي ينظر إليها كمنافس إقليمي محتمل للإيرانيين". وبحسب مراقبين فإن باكستان السنية والقوة النووية الإسلامية الوحيدة، يمكن أن توفر رادعا حاسما لإيران في أي مواجهات مستقبلية محتملة. وهنا يتضح جليا الاختلاف الشاسع بين الموقف الباكستاني قبل وبعد عاصفة الحزم، وتجدر الإشارة إلى الدور الذي لعبه ايران بالسيطرة على باكستان. حيث اطلقت العديد من الأطراف الإقليمية اتهامات للحملة العسكرية بقيادة السعودية بأنها ستشعل حربا طائفيا لأنها بقيادة أقوى "دولة سنية" ضد الحوثيين المنتمين للطائفية الزيدية الشيعية. ووصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أثناء زيارته إلى إسلام آباد الاربعاء الماضي الوضع في اليمن بالمتفجر، محذرا من مخاطر عواقب الأزمة اليمنية على المنطقة كلها. ودعا الوزير الإيراني في مؤتمر مشترك مع نظيره الباكستاني إلى التخلي عن أي تدخل خارجي في الشؤون اليمنية، مشيرا إلى أن استهداف الطيران السعودي لمستشفيات وجسور ومنشآت صناعية وغيرها من الأهداف المدنية في اليمن يؤكد ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار. ويشير الخبراء بحسب روسيا اليوم إلى صعوبة تجاهل ارتباط باكستان بعلاقات تاريخية مع جارتها إيران، القوة "الشيعية" في المنطقة، ناهيك عن اشتراكهما بحدود تمتد لمئات الكيلومترات مع أنه بدا في الآونة الأخيرة بأن "السلام البارد" هو المناخ العام الذي يسود العلاقة بين الجارتين، وأنهما غير قادرتين على العمل سوية لمكافحة الجماعات المتطرفة التي تنفذ هجمات ضد ايران انطلاقا من الأراضي الباكستانية. وتجدر الاشارة إلى أن باكستان ثاني أكبر دولة من حيث عدد المسلمين في العالم بتعداد بلغ عام 2014 نحو 180 مليون نسمة منهم 10 % من المسلمين الشيعة، وهذا قد يكون أول الأسباب التي دفعت البرلمان لرفض الانضمام إلى الحملة العسكرية. وبتحليل الموقف المصري ودورها في الحملة العسكرية، نجده متخبطا ومتناقضا حيث زعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قبل أيام من العملية ضد الحوثيين في اليمن، وجود قلق لدى جزء من الرأي العام الداخلي بشأن المشاركة، إلا أنه أكد مطلع الاسبوع الماضي أن مصر لن تتخلى عن أشقائها في الخليج، وستقوم بحمايتهم إذا تطلب الأمر. وفي تصريحات متناقضة قال السيسي إنّ مصر تسعى لحل سياسي للأزمة اليمنية، إلا أنّ مراقبين توقعوا تدخل بري وشيك للجيش المصري في اليمن على خلفية ظهوره وسط قيادات الجيش، بعد اجتماع استمر ساعات. وأعلنت معظم الأحزاب مسبقا عن رأيها على الصعيدين الحزبي والسياسي، حيث تنقسم ما بين مؤيدة للنظام في معظم قراراته، وبين معارضة له في كل القرارات. وفي الواقع يخشى كثير من المصريين تكرار التجربة المصرية السابقة أثناء تدخلها العسكري في اليمن في ستينيات القرن الماضي والذي أودى بأرواح نحو 15 ألف مصريا طبقا للإحصاءات المصرية، ويضيف محللون لمعهد واشنطن أنه تسبب أيضا في نكسة عام 1967 بسبب تمركز قوات الجيش المصري في اليمن أثناء الحرب ضد إسرائيل، وقد بلغ عدد المشاركين من المصريين في حرب اليمن ما بين 55 و 70 ألفا. وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية فرغم إعلان البيت الأبيض واشنطن تأيده لعاصفة الحزم بعد بدء العملية بفترة وجيزة، إلا أنّ الدعم الأمريكي لم يتجاوز تصريحات التأييد، والاستعداد لتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي. وأكد مسؤولون أميركيون أنّ تبادل المعلومات كان أقل ما يمكن بشكل كبير في الأيام الأولى من الحملة. وأكد مسؤولون سعوديون أن الدعم الأميركي في مجال المخابرات كان قاصرا حتى الأيام الأخيرة على مراجعة معلومات المواقع التي تستهدفها السعودية في محاولة لتأكيد دقتها. وبرر المسؤولون الامريكيون ذلك بأنّه هيعود إلى حد ما لعقبات قانونية، فضلا عن افتقار الإدارة الأميركية إلى القدرة للتعاون مع السعوديين في هجوم ضد الحوثيين، هو ما يوضح اكتفائها بتصريحات الدعم رغم استخدمها قوة فتاكة ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.بحسب الرياض بوست. ولكن واشنطن تعرضت لضغوط لبذل المزيد لمساعدة التحالف الذي تقوده السعودية والتي تخشى أن يؤدي تقدم الحوثيين إلى توسيع نفوذ خصمها اللدود إيران إلى حدودها. فبدأت الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي طلعات جوية يومية لاعادة تزويد مقاتلات السعودية ودولة الإمارات بالوقود في الجو. ولكن حتى مع عمليات التزويد بالوقود تبدي الولايات المتحدة الحذر حيث تقوم بهذه الطلعات الجوية خارج المجال الجوي اليمني وتطلب تعويضا ماليا من الحلفاء. ولم يعرف بعد كيف تعتزم الولايات المتحدة التعجيل بتسليم قنابل ومعدات توجيه لحلفائها. ويرى مراقبون أن دعم واشنطن لتحالف "عاصفة الحزم" بات ينذر بتقويض الجهود مع الدبلوماسية الإيرانية في الملف النووي التي قد تلد اتفاق تاريخيا نهاية يونيو المقبل وليضع حدا لعقوبات أممية وأميركية على قطاعات الاقتصاد الإيراني. فرغم تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنّ واشنطن لن تتخلى عن "أصدقائها" العرب في الخليج في مواجهة إيران التي اتهمها بتسليح الحوثيين في اليمن، وتأكيده على علم واشنطن بالدعم الذي تقدمه طهران لمسلحي الحوثي في اليمن، صرح أنّ اميركا لا تتطلع للمواجهة مع إيران. وأدى استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء وإسقاط الحكومة السابقة إلى إصابة جهود الولايات المتحدة لمحاربة مقاتلي القاعدة في اليمن بنكسة كبيرة وتفادت الولايات المتحدة القيام بدور مباشر في الصراع المتفاقم. وقال مسؤولون أمريكيون لرويترز أن واشنطن لن تصل إلى حد اختيار أهداف للسعوديين. وأكدوا أنّ المحادثات النووية بين طهران والقوى العالمية، يمكن أن تؤدي إلى التوصل لاتفاق بحلول 30 يونيو وتلغي العقوبات المفروضة على إيران مخاوف السعودية وتزداد المخاوف السعودية من تنامي النفوذ الإيراني الشيعي ، فضلا عن قلقها من إمكانية امتداد أعمال العنف عبر الحدود التي تتقاسمها مع اليمن. وعن العدو الرئيسي إيران، فرفضها لـ "عاصفة الحزم" يتزايد يوما بعد يوم وربما جاءت أشد الانتقادات على لسان المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي. ويرى خامنئي أن "السعودية أخطأت باعتدائها على اليمن. يأتي ذلك بعد أن أرسلت إيران سفنها الحربية المدمرة "البرز" والفرقاطة "بوشهر" إلى خليج عدن ومضيق باب المندب لتأمين الملاحة البحرية الإيرانية في المياه الدولية في مهمة تستغرق 3 أشهر. وكان السفير السعودي لدى واشنطن، عادل الجبير أعلن في 26 مارس الماضي بدء العملية العسكرية ضد الحوثيين بقيادة بلاده. وقال الجبير إن السعودية وحلفاءها باشروا حملة عسكرية ضد المليشيات الحوثية وللدفاع عن الشرعية في اليمن والحفاظ على أمن واستقرار البلاد. وانضم إلى الحلف 8 دول عربية إلى جانب السعودية وهي الإمارات وقطر والبحرين والكويت ومصر والأردن والسودان والمغرب.