@hananalhamad73
كنت في إحدى الدورات التدريبية عن إدارة المشاريع وكان هناك الكثير من المتدربين الشباب والصبايا، سعدت جدا بهذا الجو الشبابي الذي ردني إلى حقبة بداياتي المهنية، وفي إحدى فرص القهوة تجاذبت أطراف الحديث مع شابين وبدآ يبثان هموميهما والتحديات التي تواجهما في القطاع الخاص، وكانت الصدمة عندما أخبرني أحدهما أن الشركة التي كان يعمل فيها قامت بتسريحه ولم يستوف حقوقه المالية منهم، فسألته لماذا لا تشتكي الشركة لدى الجهات المعنية في الفصل في منازعات القطاع الخاص وتفاجأت بضحكات جعلتني أشعر أنني قلت نكتة، قلت لهما لماذا كل هذا الضحك؟ فأتتني الإجابة من أحدهما وهو يبتسم وقال لي: عمرك سمعتي بالقائمة السوداء بين الشركات؟ قلت له: لا! فقال: إن أي موظف يفكر أو يجرؤ على التفكير بتقديم شكوى على الشركة المشغلة له حتى وإن كان كسب القضية مضمونا، فسوف تتم إضافته إلى قائمة سوداء يتم مبادلتها بين الشركات تفيد بأن هؤلاء موظفين سيئين ولا يستحقون التوظيف! لذا فنحن لا نتهور حتى لانخسر فرصنا الوظيفية وحياتنا المهنية إلى الأبد.
انتهت المحادثة ومرت الشهور وإذا بي أرى ما ذكره أولئك الشباب يحدث أمامي، مجموعة كبيرة من المستشارين يتم إنهاء عقودهم دون أي تعويض ودون إخطار ودون دفع بدل! هل يجرؤون على الشكوى؟ الإجابة لا ولنفس السبب، سوف يتم التشهير بهم في القائمة السوداء ويحرمون العمل وفرض التوظيف، بل في بعض الحالات يتم الضغط على الموظف في القطاع الخاص إما أن تقبل التسوية التي تفرضها الشركة وإما سمعتك المهنية!
يا إلهي ما هذا الابتزاز والتهديد والاستعباد! في أي العصور نعيش؟ إن جميع ما ذكرته يعتبر جنايات من درجات مختلفة يحاسب ويعاقب عليها القانون في المملكة العربية السعودية إن ثبتت.
لكن ماذا عن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؟ هل تنبهت لهذا الخطر؟ خاصة أنها استقطبت الكثير من الكفاءات من القطاع الخاص ولديهم علم بمثل هذه القوائم الخفية المتداولة بين الشركات كل في قطاعه، ألم يأن الوقت لوضع قانون عمل يحمي الأفراد من هذا الابتزاز، ألا يكفيهم ما أهمهم من المادة 77.
لن يردع الشركات وملاكها سوى شيء واحد وهو تفعيل خاصية رفع دعاوى التعويض وبمبالغ مليونية، وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء مع الحصول على الآمان من فزاعة القائمة السوداء حتى يساعد مبتدعي القائمة على تطهير أموالهم وأنفسهم من ظلمهم للأفراد بما يسمى القائمة السوداء.
وقد قيل في الأثر "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق".