رحل عن عالمنا رجل عظيم هو السلطان قابوس بن سعيد الذى حكم سلطنة عمان لمدة اقتربت من نصف قرن.
هناك دروس و عبر نتعلمها من حياة هذا الشخص العظيم اولها الشجاعة فى اخذ مواقف عرفت مصير بلده نحو اتجاه تاريخى جديد.
فعدما رأى ان والده السلطان سعيد بن تيمور غير قادر على حكم سلطنة عمان طالبه بالتنحى عن الحكم و كانت تلك الخطوة مصيرية فى تاريخها لان السلطان قابوس غير شكل الحياة فى السلطنة
لقد امن السلطان قابوس بضرورة التحديث فى المجتمعات العربية نظريا و عمليا و استطاع ان يطبق هذا فى بلده لذلك شهدت السلطنة تقدماً مذهلاً فى عهده و كمثال على هذا استطاعت سلطنة عمان ان تقيم بنية اساسية متقدمة فقد كانت مساحة الطرق المعبدة و المرصوفة لاتزيد عن ستة كيلومترات فى بلد مساحته تقترب من
اثنين مليون كليوميتر مربع عندما تولى قابوس الحكم فى عام ١٩٧٠ ويوجد فى سلطنة عمان الان.
و تستقبل الجامعات فى امريكا و بلاد اخرى من طلبة و طالبات من سلطنة عمان يتخصصون فى ارقى علوم المعرفة وهناك امثلة يمكن ذكرها مثل طالبة عمانية تخصصت فى هندسة الفضاء فى احدى جامعات العاصمة واشنطن و طالبة اخرى متخصصة فى دراسة اللوحات الفنية و اقامة المعارض.
كان السلطان قابوس حريصا على احترام النظام و هناك قصة تروى عنه عندما اراد ان يعرف مدى تطبيق الشرطة فى عمان لقواعد المرور فما ان استقل سيارته الخاصة و لم يفصح عن هويته و اثناء القيادة تعمد ارتكاب خطا مرورى مما ادى رجل المرور الى اعطائه مخالفة.
و عندما اقترب منه اندهش لانه عرف ان هذا الشخص هو عاهل البلاد و قال مبتسما": “مولانا جلالة السلطان”.
أراد السلطان قابوس بتلك الواقعة ان يعرف كيف يطبق القانون فى كل شؤون الحياة يوميا فى بلده.
اقام سياسة دعت الى التخلى تدريجياً عن العمالة الاجنبية بدون الاجحاف بحقوقها و بطريقة لا تضر الاقتصاد العمانى
و شملت تلك السياسة الاقتصادية الرزينة الالتزام بارقى معايير التوصيات الدولية فيما يتعلق بالعمالة و البيئة و الرعاية الاجتماعية للعاملين سواء العمانيين او الاجانب
و تشهد السياسة الخارجية على حكمة و عبقرية السلطان قابوس فقد استطاع فى بداية عهده التصالح مع الشيخ زايد بن سلطان الذى التى الى الحكم فى عام ١٩٧١. و كانت هناك حاجة لاقامة تفاهم اماراتى-عمانى لمواجهة معطيات السياسة الدولية وقتها.
و بشجاعة فائقة استطاع السلطان قابوس التغلب على التمرد الشيوعى فى مقاطعة ظفار و عمل جهده لاعادة السلام الى تلك الرقعة من اراضى عمان و كان ناجحا فيما سعى.
لعبت سلطنة عمان سياسة خارجية نشطة فى العالم العربى و ركزت على ضرورة اتخاذ مواقف ايجابية بعيدا عن سياسات المقاطعة و الشجب التى طالما اضرت بالمصالح العربية لذلك حرصت سلطنة عمان على استمرار و تواصل سياساتها مع القادة الفلسطينين والقادة العرب لتقديم حلول ناجحة في عملية السلام ووقف الحرب
قدم السلطان قابوس صورة للاسلام المتسامح القادر على التعامل مع كل الحضارات.
رحم الله قابوس كان بحق رجل دولة عالمى.