يبدو أن أزمة تفشي وباء كورونا في كل أرجاء العالم لم يكن بالسيناريو المفاجئ بالنسبة لبعض الخبراء وكذلك الأدباء والكتاب ومن بينهم علي حلبي الذي حذر من تهديد مماثل يواجه البشرية وخاصة الأمة العربية في رواية زحام الموت التي صدرت العام الماضي.
وحول استشراف الرواية لسيناريو تفشي أزمة صحية عالمية وإسقاطاتها وتأثيراتها على العالم العربي والاسلامي كان لنا مع علي حلبي مؤلف رواية زحام الموت هذا الحوار
هل زحام الموت جرس انذار للمجتمعات العربيه ؟
نعم هى كذلك , فعندما يتعلق الامر بالبقاء فهناك امران لا يمكن اغفالهما , القوه اولا , اى ان المجتمعات القويه التى يمكنها تهديد الاخرون هى من ستبقى والامر الثانى هو ما تقدمه هذه المجتمعات للبشريه من علم ...وذلك يظهر جليا فى الفصل الرابع من الروايه عندما يجتمع قادة احد الجماعات – الماسونيه – والتى يشاع انها الحكومة الخفيه للعالم ويتناقشون حول قضية موارد الكوكب وعدم تناسبها مع السكان الذى تجاوز السبع مليارات , وهنا تناقش الجمع الذى ضم عددا من رؤساء الدول ورجال المال , فى امر الخلاص من جزء كبير ومن ثم طرحت الخيارات بين نصف سكان الصين او المرضى وكبار السن او البلاد العربيه , وتم الاتفاق على القضاء علينا كعرب بحجة اننا لا نقدم للبشريه ما ينفع , وان مفرقعات بنادق متطرفينا باسم الدين تملا احياء اوروبا ...اتفقوا على محونا وتقسيم اراضينا لتكون مستوطنات لشعوبهم .
وهل تتواكب احداث الروايه وجائحة كورونا ؟
هناك اعمال فنية وادبيه تحدثت عن اوبئه ستطول العالم ولكن ما يميز زحام الموت ان الفيروس الذى اودى بحياة اكثر من 90 % من سكان البلاد العربيه يتشابه كثيرا وفيروس كورونا , فى طريقة خلاصه من ضحاياه وايضا طرق انتقاله , غير ان الروايه تلقى الضوء على كيفية تعاملنا كشعوب وحكومات مع الفيروس .
لم تتوقف الاحداث بانتشار الفيروس انما امتدت الى ما بعد ذلك لماذا ؟
بعيدا عن الهدف الرئيسى للروايه وهو انذار المجتمعات العربيه بضرورة العلم والانفاق اكثر على الابحاث العلميه لمواكبة ركب العالم المتقدم فان زحام الموت ترصد فى شكل تخيلى تحليلى تعامل الناجيين مع الواقع الجديد فبدلا من الالتفاف حول الواقع وسرعة انقاذ ما يمكننا انقاذه فان حلم الزعامه يراود معظم الابطال , فنجد ان كل جماعة تتخذ مدينة وما حولها كمقر لها وتبدا فى شن حروب على جماعات اخرى من اجل السيطره على الموارد , فنتحول الى دويلات صغيره فى وطن واحد ونتجاهل الخطه الكبرى لمحونا من اجل ان يصبح احدنا زعيما ...فعندما تتاح لنا فرصة تشكيل بناء مجتمعى جديد – وان كان ذلك عن طريق كارثه – قوامه الديمقراطيه وتقبل كل الاختلافات فاننا لا ننتبه امام شهواتنا .
هل للروايه جزء ثان ؟ وان كان فما الذى سيتم تناوله ؟
نعم هناك جزء ثان وقد انتهيت بالفعل من كتابة الفصل الاول وسيتم فيه تاجيج صراع البقاء عند الجميع , فالموارد سوف تشح , فيما ستبحث الجماعه – الماسونيه – عن الناجيين للخلاص منهم حتى لا يتم فضحها امام العالم ..ايضا ستبرز بعض الشخصيات بالاضافه الى الشخصيات الرئيسيه متمثله فى هنا ويوسف وراندا والعمده , ولا يمكننى الجزم فى اذا ما كان سينتصر هؤلاء فى قضيتهم ام ستكون هناك جولات اخرى من الصراع .
تحدثت الروايه عن الجماعات الاسلاميه وفى روايتك الاولى بوكا تناولت نفس القضيه , ما سر اهتمامك بهذا العالم ؟
ظهور هذه الجماعات هو العلامه الابرز فى السنوات الماضيه ولا يمكن لاى كاتب ان يتجاهل الامر ببساطه فهذا العالم شائك للغايه ويجب التفريق بين الجماعات الاسلاميه سياسيا والجماعات المتطرفه نهجا والتركيز على الفوارق بينهما , واعتقد انه لابد لنا الاقتراب من العدو حتى تظهر نقط ضعفه ويتم كشفها , فى بوكا – سجن جنوب العراق – تحدثت عن داعش و آلتهم الاعلامية الضخمه وطرق جذبهم لضحاياهم من الشباب , وايضا تقسيم جيشهم وتدرج القاده به , وما يجعلهم مختلفون تماما عن تنظيم القاعده , فجماعة داعش كانوا وسط العامة , يقطنون فى بنايتهم ويتجولون وسطهم , وهذا ينفى الاعتقاد السائد بانهم ينصبون الخيام فى الصحراء ... , وفى زحام الموت كان للجماعات هذه دور كبير فى نشر الفيروس وايضا محاولاتهم السيطره لنشر حلم الخلافه المزعوم وهذا يختلف عن نهج الجماعات الاسلاميه السياسيه التى برزت عقب الربيع العربى كالاخوان والسلفيين وغيرهم .
لم تحقق بوكا الانتشار المطلوب رغم اهميتها لماذا ؟
سوق النشر فى مصر والبلاد العربيه لا يرتبط فقط بالكتابه الجيده او الافكار المختلفه انما هناك عوامل اخرى مثل التسويق او الدعايه فانتشار روايتك يقترن بقدرتك على التسويق لها عن طريق الاعلانات او مواقع التواصل الاجتماعى وهذا يتطلب اموال طائله لا تتحملها دور النشر انما تقع على عاتق المؤلف , وهذا ما يجعل كتاب بعينهم يبرزون فيما هناك الالاف من الكتاب الجيدون الذى لا يطيقون تكاليف الدعايه الباهظه فى طى النسيان ...
هل هناك نية لتقديم زحام الموت فى عمل تليفزيونى او سينمائى ؟
فى بداية الامر كنت ارى الصدمة والذهول على وجه صناع الدراما عند قراءة المعالجة الدراميه لان موضوع الروايه يختلف عما يتم تقديمه هنا فى مصر والبلاد العربيه وباءت كل محاولاتى والمخرج محمود كامل الذى تحمس لموضوع الروايه , بالفشل , ولكنى اعتقد ان بعد احداث جائحة كورونا سيتم النظر فى الامر مرة اخرى خاصة ان الاحداث تتطرق الى ما بعد انتشار الفيروس .
كيف بدات رحلتك مع الكتابه ؟
فى عام 2012 كنت الصحفى الاصغر فى تاريخ اخبار اليوم الذى يكتب يوميات الاخبار وقد نالت استحسان الجميع , وهنا كان لابد ان اتقن موهبتى بالقراءه لمدارس مختلفه سواء الادب المصرى والعربى او الادب العالمي واستطعت التدقيق فى اسلوب كل كاتب فمثالا احسان عبد القدوس هو الاقدر على وصف ما يدور فى النفس البشريه فيما يمتاز نجيب محفوظ بالجمل القصيرة المباشرة التى تصل بالمضمون للقارئ دون جهد .