الوطن من وجهة نظر إدارية هو منظومة متكاملة، تعمل من خلال مستويات مختلفة وقطاعات متنوعة، جميعها يقوم على التكامل والعمل الجماعي والدعم اللامتناهي لبعضه البعض، وفي كل ظرف او مرحلة يمر فيها الوطن، يكون هناك أبطال في الخطوط الأمامية، هؤلاء الأبطال يقومون بعملهم براحة وإطمئنان، والكل يقول لهم " آمر تدلل " من القيادة وحتى أصغر مواطن.
لعل أبطال الجيش وحماة الوطن - بعد الله - بقطاعاته المختلفة يدركون جيدا معنى هذه الجملة " آمر تدلل" عندما قيلت لهم في كل مرة تخوض فيها السعودية العظمى حربا للدفاع عن هذه الأرض، أيضا قيلت لأسود الداخلية في معاركهم ضد الإرهاب، أما أبطال القطاع الصحي، ففي كل مرة يخوضون فيها معركة مع أعداء هي من الدقة بحيث لا ترى بالعين المجردة، وفي كل مرة تكون المعركة أشرس من سابقتها، فكانوا - بتوفيق الله - يزدادون إبداعا، كلما سمعوا من وطنهم جملة " آمر تدلل ".
آمر تدلل هنا، لا تعني دعما ماديا فقط أو تسهيلات خدمية أو عروض خصم أو تقديم خدمات مجانية لدعمهم، لا ؛بل هي أعمق من هذا بكثير ، " آمر تدلل " تعني نحن هنا معك قلبا وقالبا، نشعر بما يخالج قلبك من مشاعر، ونسمع مخاوفك، نحن هنا صدرا رحبا لفضفضتك، نحن هنا لندعمك ونشجعك ونقول لك نعم أنت بطل المرحلة بالتكاتف مع بقية القطاعات.
لذا أتفهم اجتهادات بعض أبطال الصحة عند إنتاجهم مقاطع تبين ما يمرون فيه من ضغوط مختلفة، من قلق الإصابة أو نقل العدوى لمن يحبون، وعندما أقول أبطال الصحة في زمن الفيروس التاجي 19، فإنني أعني من يستقبل المرضى عند البوابة الخارجية وحتى أعلى الهرم، فلن أميز ولن أفصّل في مسمياتهم الوظيفية؛ لأنهم نسيج متكامل، همه الأول أن يكسب معركته ضد الفيروس بسرعة، من خلال تعافي المرضى وتقليل الوفيات، وبقية المهمة تركها لنا، وهي الحد من انتشاره ببقائنا في بيوتنا.
أبعد كل هذا يستكثر البعض عليهم - من بني مهنتهم - تعاطف المجتمع ودعمه لهم، ولمقاطع ينشرونها هنا وهناك، بقوله : دراما! ألم يعلم هؤلاء المستكثرين أن الإعلام يتسع للجميع، وأن المجتمع يدعم أبطالنا جميعا؟ إن من يستنكرون بحجة أن في هذه المقاطع تخويف للمجتمع أو أنها ردة فعل مبالغ فيها من قبل أبطال الصحة، هؤلاء المستكثرون لم يتركوا شاشة ولا وسيلة تواصل ولا مقطعا مصورا إلا ظهروا فيه، لدرجة بت أخشى أن ارفع مخدتي ليلا فأجد مقاطعهم!
وقد امتد الجبروت ببعضهم لينتقدوا الطعام المقدم لمرضى الحجر الصحي بأنه رفاهية وبذخ وهدر مادي، وتذكرت عندها المقولة الشهيرة لأحدهم "بلاش دلع؟"، وهذا يقودني للتساؤل : هل الراحة التي ينعم بها هؤلاء، وبعدهم عن ممارسة الطب الميداني الذي أُُعِدوا له، وتفريغهم للعمل الأكاديمي والمكتبي والتلفزة والشهرة لينافسوا السنابيين الإعلانيين، وكأن الوضع يحتمل، ليبنوا شهرتهم على ظهر من يقاتل في الميدان ويستكثرون عليه تعاطف مجتمعه!
لن أدخل في نواياهم، ولن أشخصن الأمر؛ ولكن يبدو أنهم أشخاص تم تكليفهم بأعمال غير ممارسة التطبيب أو تم تخفيف نصابهم من المرضى وهذا لعمري هو الهدر الفعلي لما صرفته الدولة عليهم ليكونوا أطباء منتجين لا مشاهير ومؤثرين.
ختاما لأبطال الصحة أقول آمر تدلل ..