نقلا عن جريدة الوطن السعودية
متلازمة الوطن والقبيلة .. قديمة قدم الإنسان .. يقول الحق جل وعلى ( يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .. لذا فإن ثنوية الوطن والقبيلة وجدت منذ أن إستعمر الله الإنسان في الأرض … وفي بلادنا التي هي أصل العرب ، وموطن القبائل العربية كانت القبيلة .. تعد الأمان للفرد والمجتمع المنتمي لها .. ومن ليس له إنتماء لقبيلة .. لا يأمن على نفسه .. وماله .. لذا فقد كانت الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسلطة والنفوذ تخضع لقوانين قبلية صارمه .. وكان هم القبائل التفوق والنفوذ .. والهيمنة على أكبر قدر من الموارد .. فعلاوة على كثير من مكارم الأخلاق والقيم الإجتماعية السائدة مثل الكرم والشهامة .. والنجدة .. وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم .. التي كان يتسم بها المجتمع القبلي بشقيه الحضري والبدوي .. كان المشهد .. مشهدا مخيفا في جزيرة العرب قبل الإسلام بسبب من تناحر القبائل وصراعها .. إما أشتاتا أو أحلاف .. حتى بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .. ودخلت القبائل في جزيرة العرب للإسلام .. فهذب الدين الحنيف سلوكها .. وأقر ما تتسم به من مكارم الأخلاق ... وصبغها بصبغة دينيه .. فانطلقت القبائل تحت راية الإسلام تنشر رسالة السماء الخالده ... وبعد دولة الخلافة الراشدة قامت الدولتين الأموية والعباسية .. وتطور المجتمع القبلي .. وتشكلت المدن والحواضر الإسلامية في معظم البلدان التي فتحها أبناء قبائل الجزيرة العربيه.
ودار الزمان دورته .. لتنحسر سطوة النظام السياسي الذي يحكم أبناء الوطن في بلادنا .. فعادت كل قبيلة لحكم نفسها .. وعادت النفس البشرية لما جبلت عليه من حب الهيمنة والتملك .. حتى قيض الله لهذا الوطن الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى الذي إجتمعت كل قبائل الوطن تحت رايته.
ونشأ ذلك الكيان العظيم الذي وصل نفوذه إلى دول مجاوره .. وهذا ما أزعج الباب العالي في تركيا العثمانية التي شعرت بأن الدولة السعودية ، والدعوة السلفية خطرا يتهدد نفوذها ، لاسيما وأن الدعوة السلفية كشفت عن تشويه الدولة العثمانية للإسلام .. بإعلاءها من شأن البدعة المتمثل في التصوف الغالي الذي كان يتدين به السلاطين العثمانيين .. فسيروا الجيوش لإسقاط الدولة السعودية الأولى .. وسرعان ما أستعاد السعوديون قواهم لتنشأ الدولة السعودية الثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله الذي إلتفت حوله قبائل الوطن ليخلفه بعد وفاته رحمه الله إبنه فيصل .. الذي ما أن توفي حتى دبت الفوضى وسقطت الدولة السعودية الثانية .. لتدخل بلادنا في فوضى عارمه بسبب من غياب الدولة المركزية.. وعاد التناحر بين القبائل على النفوذ والثروه ... ليشرق فجر الخامس من شوال لعام 1319هـ عن فجر جديد ونصر كبير للوطن .. باستعادة الملك عبدالعزيز رحمه الله لملك آبائه وأجداده .. لتتبارى القبائل في التوافد على الرياض لإعلان الولاء والطاعة لسيد هذه الأرض الطاهرة جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه .. لتتطهر قلوب أبناء الوطن من ترسبات القطيعه والتشاحن .. وتنشأ في بلادنا أول وحده إسلاميه لم تعرفها الأمة الإسلامية في تاريخها الحديث والمعاصر ... وكان ان إنتهج الملك عبدالعزيز يرحمه الله أسلوبا فريدا في إنشاء المجتمعات الحضرية .. بانتهاجه لإسترتيجية متفرده في توطين قبائل البلدية ودمجها في القبائل الحضرية عبر إستراتيجية بسيطه وملهمه .. وهي إستراتيجية البئر والكتّاب .. عبر إنشاء الهجر وتشجيع القبائل البدوية على ترك حياة البادية وإنشاء تجمعات حضرية .. فكان أن حفرت الآبار ، وبنيت المساجد .. وتم توفير كل ما من شأنه أن يساهم في توطين البادية واستقرارها .. فنشأت الهجر .. التي تحول معظمها إلى مدن .. وشهدت بلادنا أجمل إنصهار وطني عرفته الشعوب الإنسانيه .. وكانت القبيلة هي الرافد القوي لذلك الإنصهار .. بالتفافها حول القيادة إلتفاف السوار بالمعصم .. وأصبح الولاء والفداء للوطن مقدم على القبيلة التي تساهم مشيخاتها في تثبيت هذه القيمة العظيمة .. حيث جعلت من نفسها أداة من أدوات الدولة الساهره على أمن الوطن وتثبيت قيم الولاء والسمع والطاعة للوطن وولاة الأمر .. لنقول بكل فخر أننا ننتمي لقبائلنا نسبا وحبا .. وولائنا وفدائنا المطلق لقبيلتنا الأم قبيلتنا الكبرى المملكة العربيه السعوديه.
وفِي الختام نسأل الله العظيم أن يحفظ بلادنا من شر الأشرار وكيد الفجار .. وأن يجمع قلوبنا على قلب رجل واحد في ظل ولاة أمرنا حكامنا آل سعود حراس العقيدة والدين ..ممثلين في مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزير حفظه الله ورعاه .. وأمد في عمره ومتعه بالصحه والعافيه وطول العمر .. وسمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه .. كما نسأله جلت قدرته أن يبارك في جهود عين ولاة أمرنا في منطقه عسير .. صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال أمير منطقه عسير.
والله أسأل أن يسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض.
عبدالله بن فهد بن دليم
وكيل شيخ شمل قبائل قحطان ووداعة الجنوب