القمة الحكومية في الإمارات العربية المتحدة بلغت سن الرشد وهي في عامها الثالث، فبعد أن كانت فكرة إقليمية أصبح لها بعد دولي، وكنت بين 400 مشارك من 93 دولة حاولوا استشراف دولة المستقبل وما تحتاج إليه من ابتكار. المؤتمرات من نوع قمة المستقبل، توفّر للصحافي العامل مثلي فرصة أن يرى زعماء دول ومسؤولين كباراً تحت قبة واحدة، ورأيت من الزوار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس وزراء مصر ابراهيم محلب الذي كان يُفترَض أن يتحدث الثلثاء وتأخر وصوله لوجود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مصر، فألقى كلمته أمس. وهو تحدّث عن متانة العلاقات مع الإمارات وما بينهما من مشاريع وتوافق على مكافحة الإرهاب. كان هناك أيضاً رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب، ومن قادة الإمارات وضيوفهم الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ عبدالله بن زايد، وزير الخارجية، والشيخ سيف بن زايد، وزير الداخلية، والشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي، وغادة فتحي والي، وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية. الكل تحدّث عن بناء الإنسان، أو كما قال لي الشيخ محمد بن راشد ونحن نزور «النخلة» قبل 15 سنة أو نحوها، «نحن نبني البشر لا الحجر». والشيخ محمد افتتح متحف المستقبل قبل يوم من انطلاق فعاليات القمة، كما افتتح «مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين». هو قال إن الابتكار أساس الازدهار، وتمنى أن يصبح أجندة دولية، وأعرب عن أمله في أن يصبح المؤتمر بداية تعاون دولي. والكل أيضاً تحدّث عن دور المواطنين والوافدين في ازدهار الإمارات. الشيخ محمد بن زايد افتتح المؤتمر، وسرّني أنه أشار في البداية الى الشيخ زايد، الذي اعتبرته دائماً المواطن العربي الأول، وعاد إليه في كلمته. هو قال إن الموارد البشرية رهان الإمارات التي تسعى الى بناء مجتمع يضمن التنمية المستدامة. وسمعت الشيخ محمد وأيضاً الشيخ سيف يتحدثان عن خطر الإرهاب والجهد المطلوب لمقاومته وكبحه. الشيخ عبدالله ألقى محاضرة عنوانها «نحن الإمارات»، ضمت كثيراً من المعلومات، وسمعته يقول: - الأميّة في الإمارات هبطت الى عشرة في المئة، وهناك 1200 مؤسسة تعليمية وجامعة. - اقتصاد الإمارات تضاعف 206 مرات منذ تأسيسها. - السياحة 8.3 في المئة من مجمل الناتج الوطني، والقطاع الصناعي 15 في المئة. - 39 في المئة من وظائف الحكومة تشغلها الإناث (ومثّلتهن في المؤتمر خير تمثيل أختنا منى المري التي لم تغِبْ عن أي جلسة). - بين 2012 و2014، زادت المساعدات الخارجية التي تقدّمها الإمارات أربعة أضعاف. سرّني أن يسمع الحاضرون منه ما سمعت قبل شهر في جلسة خاصة معه، فهو قال إن الإمارات في طليعة الداعمين للاستقرار في الشقيقة مصر، وزاد أن أساس استقرار العالم العربي كلّه الاستقرار في مصر التي لها فضل على الجميع. الصديق العزيز محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة المنظمة، افتتح المؤتمر بكلمة تحدث فيها عن جمع أفضل العقول والمواهب لتحقيق هدف نبيل، هو سعادة الإنسان وراحته ورخائه واستقراره. وهو في اليوم التالي عقد مؤتمراً صحافياً، أو مؤتمرات، وتحدّث الى محطات التلفزيون وبعض المراسلين الصحافيين، كلّ على حدة، وكان بينهم مذيعة «أم بي سي» الحسناء الذكية منى الحيمود. بان كي مون أثنى على إنجازات الإمارات، وكلاوس شواب تحدث عن أهمية الابتكار وضرورة مواجهة الحكومات التحديات، وأهمية التعلّم لإرساء الديموقراطية. البروفسور شواب دائماً مرشَّحي لجائزة نوبل للسلام. كنت أتمنى لو أن الشيخ زايد والشيخ راشد موجودان ليريا ما بنى الأبناء على الأسس التي أرسياها لهم. *من جريدة الحياة اللندنية