2015-10-10 

شركات العطور العالمية تستعين بشجر النارنج التونسي

وكالة أنباء الأناضول

وصلت تونس وبالتحديد محافظة نابل ، التي تقع شرق تونس إلى العالمية ، بفضل زهرتها البيضاء المعروفة بالنارنج ذات الرائحة الزكية، التي يستخرج من زهرتها أجود أنواع العطور في العالم، وتحديدا من زيتها المعروف بـ "النيرولي". وتزين شجرة النارنج ربيع هذه المنطقة، ويعود أصلها على أرجح الأقوال، إلى الصين، وانتقلت منها هذه النبتة إلى بلدان مجاورة اخرى، كما عرفت واشتهرت في سوريا حيث نقلها العرب من دمشق إلى الأندلس، مثلما نقلها الصينيون إلى فرنسا وإيطاليا. وتصنف هذه الشجرة الفواحة ضمن الحمضيات، وهي تشبه كثيرا شجرة البرتقال إلا أن ثمارها لا تؤكل بل تستخدم الزيوت المستخرجة من أزهارها في مجالات عدة من الطبخ والتجميل وغيرها. ووصف "جون بول جيرلان"، أحد أشهر منتجي ومبتكري العطور الفرنسية الراقية في العالم، في كتاب بعنوان "طرق عطوري"، صدر نهاية 2010، زيت "النيرولي" النابلي (نسبة إلى نابل) بأنه ''ممتاز''، وقال إن هذا الزيت صار من المكونات الرئيسية للعطور التي تنتجها مصانعه. و يعود تاريخ زراعة هذه الشجرة في تونس إلى الأندلسيين الذين حلّوا بتونس في القرن الـ 15 الميلادي ، وخصوصاً في مُحافظة نابل، ونقلوا إلى التونسيين طرق تقطير أزهار الشجرة لاستخراج ماء الزهر عموما، وزيت النيرولي على وجه الخصوص. ولا يزال سكان نابل بمختلف مدنها ومناطقها متشبثين بعادة "تقطير الزهر" (استخراج ماء الزهر وزيت الزهر) منذ أكثر من 5 قرون حتى أنهم يعتبرون أن وجودهم لا يكتمل دونها، فرمزيتها كبيرة في حياتهم. ويقول سليم الزواري، مهندس زراعي بالاتحاد الجهوي للفلاحة (مستقل) بمحافظة نابل: "حقول النارنج تغطي 450 هكتارا منتشرة بمحافظة نابل بين مناطق نابل ودار شعبان الفهري وبني خيار وبوعرقوب وقربة وتازركة، وجميعها توفر ما بين 1400 إلى 1600 طن من الزهر سنويا". ويضيف الزواري أنه يتم تصدير نوعين من مستخرجات "النارنج" هما ماء الزهر وزيت النيرولي وهو من أجود الزيوت التي تعتمدها كبرى شركات العطور في العالم، لافتا إلى أن الكيلو غرام الواحد من هذا الزيت يصل إلى أكثر من 5 آلاف يورو. وأوضح أن عملية تقطير الزهر تتم بالأساس بصفة تقليدية، ولكن هناك توجه نحو تعصير (تطوير) هذه العملية إذ توجد في محافظة نابل حوالي 10 وحدات صناعية لإستخراج ماء الزهر. وتتعدد استعمالات زهر "النارنج" عند التونسيين إذ لا يفارق بيتا مهما كان، فهناك من يستعمله في إعداد الحلويات ومن يستعمله كدواء، وآخرون يعتمدونه للوقاية من أشعة الشمس في فصل الصيف بسكب القليل منه فوق رؤوسهم، كما تستعمله الفتيات أيضا في خلطات التجميل. وعلى الرّغم من الأهمية التي تكتسيها هذه المستخرجات بمختلف المراحل التي تمر عبرها بدءًا بكونها زهرة مرورا بجمعها ومن ثمّة تقطيرها، إلا أنها تشكو معضلة هامة، حسب الزوارري، وهي نقص اليد العاملة الزراعية وعزوف الشباب على عملية جني "النارنج"، وهو أمر يشمل تقريبا كل القطاعات الفلاحية. ويرجع الزوارري سبب هذا العزوف إلى المردود الضئيل التي تدره هذه الزراعة على آبائهم في السابق؛ ما جعل الأبناء والأحفاد يهجرونها شيئا فشيئا. وتبدأ عملية الجني بجمع الزهور في البداية، تليها عملية الفرزه ووضع كل من الأزهار والأوراق على حدة، لتدخل لاحقا مرحلة التجفيف والتقطير. وقبل تقطير الزهر يتم تجفيفه طيلة يومين على الأقل حتى تفرز الزيت وتكون نكهة ماء الزهر المستخرج منه جيّدة. ولا تكتمل هذه المراحل إلا بعملية تقطير زهر "النارنج" وهي آخر مرحلة. وتقوم عملية تقطير الزهربوضع الأزهار في وعاء نحاسي ومن ثمة تضاف إليه الماء لتقوم بتغطيته فيما بعد بطريقة محكمة. و توقد النّار تحت الوعاء إلى أن يغلي الماء وينبعث منه بخار يسمّى "روح الزهر". ويعتبر خبراء العطور أن "زيت النيرولي" النابلي من أجود الزيوت التي تستخرج منها أغلى العطورات وتصدّر المحافظة سنويا ما بين 700 و800 كيلوجرام من هذا الزيت النادر.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه