2022-01-31 

قواعد نهش الآخر

رندا الشيخ

حين نسقط.. نتمنى سراً لو أن يداً رحيمة تمتد لالتقاطنا وحمايتنا قبل أن نرتطم بالأرض. وحين نخطئ، نبحث عمن يتفهم طبيعتنا البشرية التي قد تكرر الخطأ في رحلتها نحو محطة التعلم و النضج. وجميعنا دون استثناء معرضون للمرور بلحظات نشعر فيها بالفشل أو الضعف أو التعثر المهني أو تقلبات الدهر القاسية والتي من الطبيعي والمفترض أن نستقبل خلالها دعم الآخر لنا بكلمة طيبة أو فعل جميل يسند ميلنا ويقوينا ويزيد يقيننا بأن الخير مازال يحفنا.

 

لكني مؤخراً لاحظت ممارسات غريبة! فبدلاً من تلقي التعاطف الإنساني، احترف البعض فن "نهش" الآخر! وسأخبرك عزيزي القارئ عن قواعد هذا الفن الجرثومي. القاعدة الأولى والأهم هي أن تحول قلبك إلى وضعية "الحجر".. وهي التي يتوقف فيها عن الشفقة والتعاطف أو الإحساس بغيره، دون أن تنسى أن تحول عقلك إلى وضعية "التجميد" التي تجعل قدراته الإدراكية في حالة شلل حتى يتوقف عن التفكير في صحة أو خطأ الفعل أو وتحليل تداعياته الأخلاقية والاجتماعية عليك وعلى الآخرين، أو احتمالية تعرضك لذات الموقف!

 

 

 

 

أما القاعدة الثانية فهي أن تسخّر إمكانياتك للتقصي وجمع الأدلة والصور والفيديوهات التي ستحتاجها حتماً في مهمتك حين تسخر من زميل أو شخصية عامة أو أي إنسان حين يهفو أو يسقط ، وتنتقد قدراته الضعيفة وتصيبه في مقتل إن حاول الإنكار أو حتى الاستتار! نأتي للقاعدة الثالثة والأخيرة.. وهي الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي فهي تعتبر بيئة خصبة لتلقف ونشر "وجهة نظرك" المغلفة بالشوك السام، والتي ستلتقي فيها بمن يشاركك هذا الشغف ويصفق لك واصفاً إياك بـ"الفاهم"!

 

 

 

في الواقع – وأتحدث هنا بشكل جديّ - أي انتقاص للآخر بشكل علني وفاضح وإن غُلّف بكلمات ودودة ناصحة، هو سلوك سلبي يكشف الغطاء عن رغبة مستميتة للفت الانتباه، وشخصية عدوانية مضطربة يجب الابتعاد عن مداها فورا! آخر القول عزيزي القارئ: أنا وأنت نملك الحق الكامل في التعبير عن أفكارنا وآرائنا، لكن هذا الحق يسقط عند وجود احتمالية - ولو ضئيلة - أنه قد يتسبب في أذية الآخر.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه