2015-10-10 

أسباب عودة العلاقات الغربية مع مصر

من القاهرة، حسين وهبه

آثار قرار واشنطن استئناف المساعدات العسكرية الأميركية إلي مصر الكثير من التساؤلات لاسيما وأن وضع البلاد تحت حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي أسوأ مما كانت عليه تحت قيادة سلفه حسني مبارك، الذي فقد دعم الأميركيين بعد الانتفاضة الشعبية في 2011 وفي الوقت الذي أعرب فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما عن مخاوف بلاده المستمرة حيال السجن المتواصل للنشطاء السلميين والمحاكمات الجماعية في مصر أعلن البيت الأبيض منذ أسابيع قليلة تخصيص 12 طائرة إف 16 و20 صاروخ هابرون و125 دبابة "أبرامز إم-1" لتسليمها إلى مصر قائلا إن هذا يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي. وفي أكتوبر الماضي أعلنت الولايات المتحدة تجميد تسليم مصر مساعدات عسكرية، تشمل مقاتلات إف 16 وطائرات أباتشي وصواريخ هاربون ودبابات، وجعلتها رهنا بإحراز تقدم ملموس نحو الديمقراطية. وأوفقت واشنطن مساعدتها لمصر بعدما أطاح السيسي في 2013 بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي، فرضت حظرا على إرسال طائرات أباتشي إلى مصر وطرأ تغير على الموقف العام الماضي عندما سُمح بتسليم مصر طائرات أباتشي لمساعدتها في العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب في سيناء ليست الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تعيد التعامل مع مصر كسابق عهده. فقد أجرت فرنسا مفاوضات، هذا العام، مع مصر لإبرام صفقة أسلحة بقيمة 5 مليارات، تشمل شراء طائرات مقاتلة وفرقاطة بحرية. وباعت فرنسا، العام الماضي، أربع فرقاطات بحرية لمصر في صفقة قدرت بنحو 1.3 مليار دولار. وفي اتفاق يعكس تحسن العلاقات الروسية المصرية ويتسم بزيادة التعاون العسكري والاقتصادي بين البلدين. أعلنت روسيا في سبتمبر الماضي، أنها أبرمت صفقة أسلحة مع مصر بلغت قيمتها 3.5 مليار دولار، وفي فبراير زار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، مصر وتعهد بمساعدتها في إنشاء محطة لتوليد الطاقة النووية. فضلا عن ذلك تتلقى مصر دعما ماديا كبيرا من دول مجلس التعاون الخليجي، قدر بـ 20 مليار دولار على الأقل خلال العام والنصف الماضيين. وأسفر المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، الشهر الماضي، عن التزامات استثمارية بمليارات الدولارت. وتعهدت المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة والكويت وعمان باستثمار 12 مليار دولار في مصر. وبحسب بي بي سي يقول المحلل السياسي جواد إقبال ، بشكل أو بآخر، لا ينبغي أن يثير هذا دهشة. ويضيف فكثيرون ينظرون إلى مصر على أنها عامل رئيسي في استقرار المنطقة، فضلا عن كونها صوت قوي ووازن في العالم العربي، ولطالما كانت مصر دولة مهمة في الشرق الأوسط. ويتابع ونظرا لموقعها في المنطقة، ينظر إلى مصر على أنها عامل حاسم في تحقيق سلام أشمل بين الدول العربية وإسرائيل. وأشار الي أنّ مصر تتحكم في قناة السويس، التي يمر بها كل عام نحو عشرة في المئة من حركة الشحن العالمية. وتعتبر كذلك إلى حد كبير أكبر دول عربية، إذ يبلغ عدد سكان 83 مليون نسمة، ويتوقع أن يتجاوز العدد 100 مليون بحلول عام 2030. وتشير إحصاءات إلى أن 50 % من إجمالي عدد المصريين هم أقل من 25 عاما، والعاصمة المصرية القاهرة، هي مقر جامعة الدول العربية، وتعتبر نبراسا قائدا في الثقافة الإسلامية. وأخيرا وليس آخر، تشكل مصر مع المملكة العربية السعودية محور القوة السياسية للمسلمين السنة في الشرق الأوسط. ويؤكد جواد أنّ مصر تشكل رقما حاسما في حسابات الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط. لكن مراقبين يقولون إنها لم تعد بنفس القدر من الأهمية كما كانت في الماضي، وإن دولا مثل الأردن والإمارات العربية أصبحت حلفاء أكثر أهمية لواشنطن في الوقت الحالي. ورغم ذلك، تعد مصر كذلك ساحة معارك بين الإسلاميين المعتدلين والمتشددين، ويعتبر دور المتشددين المصريين في تنظيم القاعدة وغيرها من الحركات المماثلة مؤثرا ومُعتبرا. ويكشف المحلل السياسي أنّ الواقعية السياسية تشير إلى أن واشنطن تسعى إلى تبني نهج جديد في التعامل مع القاهرة في محاولة لاستعادة الاستقرار في منطقة مزقتها الحروب. ويلفت إلى أنّ هذه السياسة الواقعية هي بالضبط ما تغضب منتقدي الرئيس السيسي. ويتابع فالسجون المصرية تفيض بالمعتقلين، وأعيد حظر جماعة الإخوان المسلمين، وصنفتها السلطات المصرية تنظيما إرهابيا، وحُل حزبها، الحرية والعدالة، بأمر قضائي، والكثير من قادة الجماعة في السجون الآن، فضلا عن الحكم على مرشد الجماعة، الدكتور محمد بديع، بالإعدام. وحكم على محمد مرسي، الرئيس الإسلامي المنتخب الذي أطاح به الجيش منذ عامين، بالسجن 20 عاما، بتهمة إصدار أوامر باعتقال وتعذيب متظاهرين احتجوا ضد حكمه. ولم يزرف الكثير من المصريين الدموع على مصير الإخوان المسلمين. ولم يعد لدى الجماعة الدعم الشعبي الهائل، ونظر إليها الكثير من المصريين على أنها أساءت استخدام السلطة التي حصلت عليها عبر الانتخابات بنسبة ضعيفة خلال فترة حكمها القصيرة للبلاد. لكنها كانت، رغم ذلك، حكومة منتخبة ديمقراطيا، وأطيح بها بالقوة. والآن، ليست جماعة الإخوان المسلمين وحدها من تجد نفسها تحت الحصار. فالصحافة تعاني رقابة صارمة، ولم يعد الكثير من منظمات المجتمع المدني يعمل بفاعلية. وبحسب اقبال تعكس تلك الأوضاع، في أحيان كثيرة، تلك الأسباب التي أدت إلى الانتفاضات التي عرفت باسم الربيع العربي، وهذا هو ما يقلق أولئك الذين يعقدون آمالهم على إحراز تقدم وتحقيق سلام في مصر وفي المنطقة برمتها.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه