«حزب الله» لا يمثّل إلا نفسه، وهو لا يمثّل وجهة نظر اللبنانيين، ولا يمثّل كل الشيعة في لبنان. هذه العبارة جرت وتجري على ألسِنة كثيرين من السياسيين والمثقفين والصحافيين اللبنانيين، والسعوديين والعرب. لكن الحزب ليس حالة فردية، هو جزء من الحكومة اللبنانية، فضلاً عن أنه يتحكّم بمفاصل البلد. لذلك فإن استمرار التبرؤ من دوره بتصريحات هنا وهناك، ليس كافياً. منذ كشف «حزب الله» عن عدائه الشرس للسعودية بعد «عاصفة الحزم»، لم نرَ أي تحرُّك للنخب الشيعية المستقلّة في لبنان يرفض هذا الموقف. بعضهم يقول إن الحزب لا يمثل كل الشيعة في لبنان. حسناً، أين صوت هؤلاء الذين لا يمثلهم «حزب الله»؟ لماذا هم صامتون؟ المطالبة بموقف، مِنَ الذين لا يمثلهم الحزب، ليست من أجل السعودية، بل لحماية مصالح مئات الآلاف من اللبنانيين الشرفاء. في السعودية لدينا مثل يقول: «الكلمة اللي تستحي منها بدها»، أي ابدأ بالكلام الذي تخجل منه. هذا العتب، على شيعة لبنان، يتردد في مجالس، وصدور لبنانيين وسعوديين وعرب آخرين، ولهذا لا بد من طرحه في العلن. معظم الذين يتحرّكون ويكتبون لحماية الطائفة الشيعية الكريمة في لبنان هم من خارجها. بعض المثقفين اللبنانيين يقول أن أتباع «حزب الله» لا يمثلون 40 في المئة من شيعة لبنان، افرض أنهم 70 في المئة، أين الباقون، لماذا لم نسمع صوتهم؟ لماذا يصمتون على تدمير حياتهم ومستقبل بلدهم وأولادهم؟ لماذا يريدون منا أن ندافع عنهم، وإذا لم نفعل نُتَّهم، وربما نُدان. اصرِف النظر عن «عاصفة الحزم»، ماذا عن حرب تموز (يوليو) 2006، التي قتلت أبرياء، ودمّرت لبنان، وأثقلته بالمليارات، فضلاً عن اعتراف الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بأنه لو علم أنها ستقود إلى الدمار الذي لحق بلبنان ما أمر بها. ماذا فعلت النُّخَب الشيعية المستقلة تجاه هذا العبث؟ هل طالبت بمحاسبة الحزب؟ لماذا يرتفع صوت بعضهم اليوم تجاه قضية تضرُّر محتمل لمصالح اللبنانيين في السعودية، ودول في الخليج، ولم نجد ما يقابل ذلك أيام تلك الحرب العبثية؟ لم يعد مقبولاً صمت الشيعة في لبنان إزاء تصرفات «حزب الله». هم مطالَبون بموقف جماعي، في الساحات والميادين، يُعبِّر عن رفض تصرفات الحزب. نريد موقفاً عربياً تجاه «الحزب الإيراني». نريد من العرب الشيعة في لبنان موقفاً عربياً، يليق بتاريخهم ووطنيتهم. لا شك في أن الخوف من التصفية المادية والمعنوية يمنع الشيعة العرب الشرفاء في لبنان من التعبير عن رفضهم لدور «حزب الله» المدمِّر. لكن هذا الخوف لم يعد يحمي الخائفين. الشيعة في لبنان باتوا يدفعون أثماناً غالية لهذا الموقف. أصبحوا متّهمين بأنهم ضد مصالح وطنهم. هذا اتهام خطير، وهو بحاجة إلى موقف بحجمه، يُغيِّر هذه الصورة النمطية الظالمة. الأكيد أن «حزب الله» خطف إرادة اللبنانيين، والشيعة منهم تحديداً. لكن استمرار الصمت عن سياساته، بحجّة السلم الأهلي، ما عاد مقنعاً. تحرُّك الشيعة في لبنان اليوم بات مطلباً تاريخياً لإنقاذ سمعتهم، وتماسكنا جميعاً. نحن بانتظار موقفكم أيها الإخوة. *نقلاً عن "الحياة"