في مطلع مارس من العام الجاري زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الكونجرس الأمريكي محاولا – وفي خطوة وترت العلاقات بين واشنطن وتل أبيب – الضغط من أجل عدم التوصل إلى إتفاق غربي إيراني حول برنامج طهران النووي. وفي معرض خطابه الذي حاز تأيدا كبيرا داخل الكونجرس، لا سيما بين أعضاءه الجمهوريين، قال أن من شأن السماح لطهران باستكمال برنامجها النووي أن يشعل سباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي تلقفه الكثير من المحللين بالتأييد، بل وذهبوا إلى أن ربما السعودية وتركيا وربما مصر ستسعى بدورها للتسلح النووي لإستعادة ميزان القوة في المنطقة. غير أن باحثين تركيين يريان في هذه الفرضية الكثير من السطحية، وفندا تلك المزاعم في تقرير لهما حمل عنوان " لماذا لن تتبنى تركيا النهج النووي العسكري" على موقع قنطرة الألماني المعني بالحوار مع العربي والإسلامي. فوفقا رأي الباحثين جورج بيركوفيتش وسنان أولغين فإن تركيا لديها برنامج ناشئ لتوليد الطاقة النووية. إذ وقعت الحكومة التركية عقداً مع روسيا في عام 2010 لبناء وتشغيل أول محطة طاقة نووية في البلاد. كما تخوض الآن مفاوضات مع اتحاد فرنسي ياباني لبناء محطة طاقة نووية ثانية على البحر الأسود. وتحتاج تركيا بالفعل إلى الطاقة النووية لأن وارداتها الأولية من الطاقة تشكل ما يقرب من نصف عجز الحساب الجاري المزمن في البلاد، لأنها تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها من النفط والغاز الطبيعي. ويمضي التقرير إلى أن لدى تركيا الحافز لعدم السعي إلى امتلاك الأسلحة النووية. فتركيا، باعتبارها دولة موقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، يُحظَر عليها تطوير تطبيقات عسكرية لهذه التكنولوجيا. ومن شأن خرق أنقره للمعاهدة تعريضها لعقوبات اقتصادية وهذا بدوره من شأنه أن يقوض النمو الاقتصادي الذي يشكل أهمية مركزية كمحور للحفاظ على شعبية الحكومة على مدى العقدين الماضيين. فضلا عن الجانب الأمني إذ نصبت الولايات المتحدة أسلحة نووية في تركيا لعقود من الزمان، كما نشر حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة دفاعات صاروخية باليستية في البلاد. وإذا سعت الحكومة التركية إلى الحصول على أسلحة نووية خاصة بها، فإن هذا من شأنه أن يعرض للخطر هذه الضمانات الأمنية وأن يحول حلف شمال الأطلسي ضد تركيا. وأشار الباحثان إلى افتقار تركيا إلى الدراية والبنية الأساسية اللازمة لإنتاج الأسلحة النووية بسرعة، وسوف تحتاج البلاد إلى وقت طويل ــ ربما أكثر من عشر سنوات ــ لاكتساب هذه القدرة. وخلال هذه الفترة، سوف تواجه تركيا ضغوطاً سياسية واقتصادية وأمنية قوية ليس من جانب الولايات المتحدة وبلدان حلف شمال الأطلسي فحسب، بل وأيضاً من قِبَل روسيا وإيران وبلدان أخرى.