فيما روى أصدقاء عمر الشريف أنه فقد ذاكرته الحديثة، وراح إلى ذاكرته القديمة يسأل فيها عن أحوال فاتن حمامة، كانت «الشرق الأوسط» تنشر حلقات من مذكرات «سيدة الشاشة». عندما تزوجت فاتن من ممثل ناشئ يدعى عمر الشريف بعد فيلمهما الأول «صراع في الوادي»، قيل وكُتب وساد الانطباع بأن الوسيم المجهول هو الذي أُغرم بالنجمة الأولى. في مذكراتها تقول فاتن إنها هي التي هامت به. لقد أطل على حياتها في مرحلة قلق وتوتر مع زوجها المخرج عز الدين ذو الفقار. وكان الزوجان يعيشان منفصلين تحت سقف واحد كآخر تجربة قبل قرار الطلاق، أو الاستمرار. وسبب النفور، كما تروي فاتن، أن الزوج أقام علاقات مع فنانات من درجات بائسة، فشعرت بالإهانة. ثم أطل عمر. لكن عمر لم يبق تحت السقف الواحد طويلاً هو أيضا. اكتشفته هوليوود بالصدفة، ولم تعد تتخلّى عنه. أخذته من الأسود والأبيض في «استوديو مصر» إلى ألوان الاستوديوهات العالمية في «سانست بوليفار». وصارت فاتن ترى صوره في المجلات الكبرى مثل أي قارئة عادية. ودب الحزن من جديد. والطلاق مرة أخرى. تروي فاتن حياة امرأة ضعيفة ومحطمة. الزوج الأول أهملها من أجل راقصة مجهولة، والثاني أهملها لكي يحاط بنجمات هوليوود ونساء أوروبا. كم هي صعبة السينما في الحياة الحقيقية! هذه المرة لن تبكي فاتن كي تُبكي معها آلاف المشاهدين، بل كي تدمع وحيدة وهي ترى العائلة تتشقق: ابنتها نادية من ذو الفقار، وابنها طارق من عمر. الأب الأول مهزوم، والأب الثاني سابح في ديار الشهرة والنجوم والثروات المذهلة. بدأ بـ17 ألف دولار عن دوره في «لورنس العرب»، ثم أصبح يتقاضى الملايين عن كل بطولة. لكنه كان أيضًا يبددها. لا أعرف إذا كان عمر الشريف إنسانًا سعيدًا. كان يعيش في الفنادق، ويسهر في المياسر وليس له أصدقاء سوى رفاق طاولة «البريدج». وعندما عاد إلى مصر، كان مهزومًا هو الآخر. فقد مصر التي عرفها وفقد بريقه العالمي، وصار يرتضي أدوارًا عادية في أفلام عادية. ولم تعد له تلك الشروط التي كان يفرضها على كبار المخرجين. أما فاتن، فكانت قد انصرفت هي أيضا إلى حياة زوجية عادية في القاهرة، من دون أن تتخلى عن المرتبة التي استحقتها: سيدة الشاشة. ظهرت على الشاشة وهي طفلة يرافقها والدها إلى الاستوديو، وشاخت وهي تحتفظ بدور البطولة. وعرفت أزمات كثيرة و«حرقة قلب» واحدة اسمها عمر الشريف. راجع المذكّرات لكي ترى كيف تصف تفحصها له في اللقاء الأول.