من حق أي دولة أن تسعى لتنظيم بطولة كأس العالم فهو حدث رياضي كبير يلفت الأنظار للدولة المنظمة ويفتح لها مجالات متعددة لتبرز نفسها من خلاله. ولكون كأس العالم حدث تاريخي يسعى المنظمون من الإستفادة المالية المباشرة وغير المباشرة وتسويق قطر كدولة سياحية منفتحة ودولة راعيه للسلام. ولأن قطر دولة صغيرة قليلة المنشآت المواكبة للحدث وضعيفة البنية التحتية مقارنة بفرنسا وألمانيا وكوريا ستضطر لدفع مبالغ طائلة لتنظيم البطولة. ولذا رأت في خططها المستقبلية مضاعفة الدخل القومي وميزان المدفوعات والميزان التجاري ليساهم هذا في مضاعفة قيمة الناتج المحلي القطري. فبدأت بالبنية التحتية والصرف الصحي والجسور والطرق الرئيسية والسكك الحديدية وتوسيع الطرق المعتمدة وبناء الفنادق والمنتجعات للتسويق السياحي. ولتفادي الإزدحامات في أوقات الذروة أنشأت قطر مترو يصل جميع المرافق الرياضية مروراً بالأمكان السياحية والأثرية بتكلفة إجمالية تبلغ ١٣٣مليار. والمبالغ المتوقع صرفها على مشروع قطر ٢٠٣٠ تبلغ ٥٠٠ مليار دولار والمبالغ المتوقع صرفها على تنظيم بطولة كأس العالم ٦٠ مليار دولار. الإقتصاد القطري اقتصاد قوي ومتنوع ولكن علينا أن لا ننسى أن قطر تعاني من ديون متراكمة تبلغ ١٧٢ مليار دولار حسب إحصائيات البنك الدولي. وقطر حالياً تمر بركود اقتصادي وهي بذلك تحاول أن تخرج من مأزقها وخصوصاً بعد بطولة الأسياد وستعاني أكثر من ركود متوقع بعد بطولة كأس العالم. مما يؤثر عليها اقتصادياً على مدى قصير وستتعافى منه لقوتها المالية لكن إلتزاماتها المالية بالداخل والخارج ستؤثر عليها أكثر إن بالغت بالدعم. ولهذا اقترحت قطر في بداية سعيها تنظيم البطولة تجديد ١٢ ملعباً ولكنها تراجعت لتقول انها خفضت الخطة إلى ٨ملاعب فقط دون الكشف عن كلفتهاالمادية. ومهما حاولت قطر ترشيد الإنفاق على البطولة تكون أشتراطات الفيفا لها بالمرصاد لذا اشترط الفيفا بناء ٦٠ - ٧٠ الف غرفة فندقية. وشنت على قطر سيل من التهم بعدم ملائمتها لإقامة البطولة صيفاً لحرارة الشمس وتواضع إمكانياتها الحالية بمقارنة بالدول المنظمة سلفاً. وعدم احترامها لإشتراطات الإتحاد الدولي ووفاة ٤٥٠ عامل نيبالي يعملون تحت حرارة الشمس والتأخر في تسليم رواتب العمالة في موعدها المحدد. ثم أتهمت قطر بأنها دفعت رشاوي لمسئولين في الإتحاد والمصوتين مقابل حصولها على أحقية تنظيم البطولة العالمية وهو مانفته الدوحة جملة وتفصيلا. وللحديث عن المكاسب المتوقعة من تنظيم بطولة كأس العالم يلزمنا النظر إلى آخر أربع بطولات سابقة ومدى استفادة قطر مالياً من عدمها. نظمت فرنسا كأس العالم ١٩٩٨ ودفعت ١٨٠ مليون دولار للإستعدادات ثم جنت ٣.٦ مليار دولار وخلق ٥٧ الف وظيفة للمواطنيين ونسبة أشغال١٠٠٪. نظمتا كوريا واليابان البطولة عام ٢٠٠٢ ودفعتا ٦٠٠ مليون دولار ثم جنيا ٣.٩ مليار دولار وإيجاد ٢٢٠ الف وظيفة للمواطنيين ونسبة أشغال ١٠٠٪. نظمت ألمانيا البطولة عام ٢٠٠٦ ودفعت ٢٥٠ مليون دولار وجنت ٥ مليارات دولار أرباح مباشرة وغير مباشرة ووفرت ٥٠ ألف فرصة عمل ونسبة أشغال١٠٠٪ نظمت جنوب أفريقيا البطولة عام ٢٠١٠ وأنفقت ٢ مليار دولار وجنت ٥.٦ مليار دولار وخلق ١٢٠ الف فرصة عمل ونسبة أشغال ١٠٠٪. ستدفع قطر ٦٠ مليار دولار ونسبة أشغال وطنية ٠.٠٩٪ وستجني ٢.٢ مليار دولار وتخلق ٢٠٠ الف وظيفة عمل لكن للأسف سيشغلها أجانب وليس مواطنيين. من هنا فتنظيم قطر للبطولة لن يحقق لها أي مكسب مالي أو حتى استرجاع تكاليف بطولة كأس العالم بل خسارتها كبيرة جداً من خلال التالي. ركود اقتصادي سيشل العقارات والاقتصاد العام للدولة ويدخلها في المأزق الديون المتراكمة ذات النسب العالية والإشتراطات القاسية في عدم التسديد. وجود ٢٠٠ الف عامل أجنبي في أرض صغيرة كقطر له سلبياته السياسية والإجتماعية والإقتصادية والدينية والصحية على المدى البعيد. تصدر العمالة الأجنبية من المال القطري للخارج أكثر من١٠ مليار دولار وهذا يعطي دلالة على أن كل مشروع كبير سيضخ للخارج مال أكثر والعلاقة طردية. في بداية البطولة سيكون نسبة مواطني الدولة مقابل الأجانب والعمال والسياح مانسبته ٧.٥٪ وللأجانب ٩٢.٥٪ من العدد الكلي وهذاله مؤشرات خطيرة جداً ولتسرب خبر سحب البطولة من قطر تأثرت مؤشرات سوق المال بنحو ٢.٥٪ بسبب فضائح الفساد وقد ينحدر السوق بأكثر من هذا. حجم العمالة القطرية(مواطنيين) في القطاع العام تشير إلى ٨.٥٪ وحجمهم في القطاع الخاص ٠.٠٩٪ مايعني أن حجم الأجانب في القطاع الخاص يبلغ ٩٩.١٪ تقديرات ٢٠١٠-٢٠١٦تشير إلى أن العمالة القطرية ستنخفض نسبتها بعد البطولة ١.٢٥٪ والعمالة الأجنبية ٩٨.٧٥٪ هل هذه تنمية أين الإستفادة من البطولة. ألم يكن من الأجدر بقطر بناء مستشفيات لتخفيف العبء على مستشفى الشيخ حمد المزدحم طوال السنة وبناء مستشفيات عسكرية تأسياً بدول الجوار. الغريب في الأمر أنه سيكون في الدوحة ١٠ ملاعب رياضية تكلفتها الإجمالية مع مرافقها ٢مليار دولار ويقابله مستشفى واحد فقط أين التنمية المنشودة. بعد كأس العالم ستكون الإستفادة من ١٢ استاد رياضي و ٦٠ الف غرفة فندقية والقطار المحاذي للملاعب الرياضية عديمة الفائدة . رئيس اللجنة المنظمة لكأس العالم في قطر حسن الذوادي يقول إنهم سيتبرعون بمقاعد الملاعب للدول المحتاجة إذاً مالفائدة من إنشائها أصلاً ؟ وإن نجحوا في التخلص من المقاعد فكيف سيتخلصون من الكتل الإسمنتية والأجهزة الالكترونية . أليس اقامت البطولة من أصلها عبثاً في حال سحبت البطولة ماذا ستفعل بعقود الإنشاءات التي أبرمتها مع شركات عالمية وما ستفعل بالشرط الجزائي إن هي بادرت بإنهاء عقود العمل والعمال إتهامت ديفيد كاميرون والمرشح الرئاسي للإتحاد الدولي وصنداي تايمز و BBC ليست عبثاً وخصوصاً إدعاء تايمز بأن لديها مايثبت تورط قطر في الرشاوي في حال سحب تنظيم كأس العالم من قطر ستضطر لإلغاء معظم المشاريع الرياضية وتنال قطر بدورها ثاني أكبر صفعة في تاريخها بعد الإطاحة بمرسي من زعم أن كورة القدم بمعزل عن السياسة فهو واهم المسألة أكبر من ترشح قطر لإستضافة نهائيات كأس العالم والأكيد أن السياسة أثرت على الرياضة صدمة قطر النفسية في حال سحبت البطولة منها سيكون وقعها على الدولة والشعب أكثر من تألمهم بالخسارة الاقتصادية وخسارة الدخل السياحي الكبير. * منقول عن تويتر، ولا يعبر بالضرورة عن رأي "الرياض بوست".