منذ أعلنت المملكة العربية السعودية عن توجهها بإعادة افتتاح سفارتها في العراق بعد انقطاع دام 24 عاما وتعيينها ثامر السبهان سفيرا جديدا للمملكة في بغداد ،حتى سارعت القيادة السياسية العراقية ممثلة في شخص الرئيس فؤاد معصوم والقوى السياسية إلى مباركة هذه الخطوات وتثمين الموقف السعودي على اعتبار ذلك يصب في صالح المنطقة و يعزز الدعم العربي للعراق ويوجه رسالة اطمئنان مهمة للشعب العراقي بعودته للاحتضان . ومعلوم أن العراق أكثر دولة عربية تواجه تحديات الإرهاب و خطر التنظيمات العابرة للحدود وفي مقدمتهم تنظيم داعش ، وعليه يُقرأ القرار السعودي سياسيا على التوجه الجدّي لمساعدة العراق والانفتاح السياسي معه مجددا ليس على المستوى السعودي فقط وإنما خليجيا أيضا ، حيث أعلنت دولة قطر وعلى لسان وزير خارجيتها خالد العطية عن فتح سفارة لقطر خلال زيارته الأخيرة لبغداد. ثم أن في اختيار الرجل العسكري ذو الخبرة الأمنية والعسكرية الطليعية ثامر السبهان كي يكون سفير السعودية في بغداد ، يعطي دلالة قوية على فتح القنوات أمام بغداد للتنسيق مع السعودية في مكافحة الإرهاب الذي تعاني منه البلدين والمنطقة بأسرها. وبتسكين الشخصية العسكرية في هذا المنصب الدبلوماسي أهمية كبيرة سيما في هذا التوقيت الخطير بتسارع الأحداث السياسية والأمنية في المنطقة ، حيث أن في ذلك ضمانة لإيصال وجهات النظر والرؤى الصحيحة لصناع القرار في كلا البلدين وتعزيز نجاح الجهود المشتركة والمواقف التنسيقية بينهما مستقبلا . و العراق أكثر ما يأن اليوم من الوهن الذي تسبب فيه الإرهاب فهناك 3 ملايين نازح عراقي ، وقد ذكر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مؤتمر التحالف ضد الإرهاب الذي استضافته باريس حاجة العراق إلى 500 مليون دولار لإغاثتهم . ولا يمكن مع ما تفرضه المسؤولية الإنسانية التخلي عن العراق وشعبه ، إذ يظل بمخزونه البشري وتنوعه الحضاري والثقافي مهما ، ثم أن في موقعه الجيوسياسي أهمية كبرى ايضا، فعن طريق العراق يمكن للاتحاد السوفييتي الاتصال بالخليج العربي والمحيط الهندي، كذلك تعتبر العراق حلقة المواصلات الجوية بين أوروبا وآسيا، وتلتقي فيها. جميع الطرق البرية التي تصل جنوب شرق أوروبا وشرق البحر المتوسط بالخليج العربي جنوباً، وإيران وباكستان والهند شرقاً ، وتعتبر العراق ايضا مكاناً لالتقاء العوالم الإسلامية ،وأراضي العراق تمتد من الخليج العربي وحتى تركيا، أي أنه يشكل البوابة الشرقية للعالم العربي.وعلى هذا الأساس ينظر الخبراء الاستراتيجيون إلى العراق بأنه قلب المنطقة العربية الآسيوية. ولهذا الموقع برغم مميزاته للعراق الا انه ايضا كان سببا في سقوط عاصمتها في 2003 وسببا لاطماع التنظيمات الارهابية بمواردها النفطية ، وتركها غارقة في حالة الفوضى حتما يؤدي الى خسارة العمق الاسترتايجي المساند وقطع الاتصال بين المشرق العربي وبقية العالم الاسلامي . مما يتسبب في خلط الاوراق في المنطقة وبروز قوى مقابل انحسار قوى اخرى . وهذا بحد ذاته هاجسا يدفع بلا شك الى تشجيع ومساندة عودة العراق الى الاحضان العربية وتفويت فرص عزلته .