2015-10-10 

من رفض الارهاب إلى مشاريع وطنية لدراسته

ناصر بن محمد العُمري

لدى السعوديين اليوم _بمختلف أطيافهم _ يقين جازم أنه من المستحيل أن يرضوا بالهزيمة في معركتهم أمام فكر متطرف وقميء يستهدف ضرب وحدتهم في العمق. كل الدلائل تشير إلى أنهم لن يرموا بالمنديل مستسلمين لما يُخطط له فالحدث دوما يصنع وعياً كافياً بالضرورة. الوقائع الراهنة دللت -لكل مراقب حصيف- أننا لن نفرط في وحدتنا الإجتماعية وأن السلم الاجتماعي يمثل للسعوديين مكتسباً حضارياً من الصعب التخلي عنه. العودة إلى الخلف باتت ضرباً من المستحيل لأننا نعي -أنه لوحدث - فهذا مؤشر خطير على الإرتداد على أعقابنا خاسرين ونكوصاً عن هذه المرحلة المتقدمة من الوحدة الوطنية. الأحداث الآخيرة رغم ألمها الغائر برهنت على أن السعوديين فطنوا لما يُراد بهم وهذه مرحلة جيدة من الوعي المكتسب، بل هي من أهم مكاسب هذا الوجع الذي نئن منه ونتألم لحدوثه وهو جزء من هزيمة الفكر الضال برفضه جملة وتفصيلاً . لكن ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضى هو الخروج من مرحلة الرفض وتجاوز مرحلة التنديد بالقتلة، . وتبادل رسائل التحذير من الفتنة.. إلى مرحلة التفكير جدياً في مشاريع وطنية عملية وعملاقة، تحول دون تمدد هذه التنظيمات مستقبلاً ونشوء جيوب وفروع لهت ولن يتأتى لنا هذا إلا عبر الدراسة المتأنية والبحث والتقصي ومعرفة الأسباب ومن خلال وجود مراكز بحوث وطنية متقدمة تعنى بهذا الفكرودراسته وتفكيكه . وغياب المشاريع الوطنية ومراكز الدراسات الإستراتيجية في ظل هذا الوضع الذي تزداد معه خطورة هذه التنظيمات ويتفاقم خطرها ونحن نشاهدها تتمدد كورم خبيث وتلتهم شبابنا أمر غير مبرر مطلقا والحاجة باتت ملحة في ظني لتحرك من هذا النوع. اليوم كمواطنين وكآباء بين يدينا كم هائل من الأسئلة عن هذه الحركات لانملك لها إجابة قطعية و لن تقنعنا إجابة عابرة لها لخطورة تلك الإسئلة ولحاجتها إلى ((إجابات متعمقة )) وليس مجرد اراء وتطمينات نقنع أنفسنا بها ، فمن المهم لنا كمجتمع معرفة نشوء التنظيمات وكيف يتحول أبناؤنا من أفراد مسالمين إلى إرهابيين وقتلة ؟؟ كيف تتم عملية هذا التحول ؟؟ ماهي مراحل التحول ؟؟ ماهي مدة الحضانة اللازمة لها، بل ما هي أبرز عوامل تكون هذه التحولات ؟؟ وماهي الإغراءات التي تجعل منها جاذبة لكي يلتحق بها ابناؤنانا دون سابق انذار ودون أي مؤشرات ملحوظة، ومن هم المرشحون أكثر من غيرهم أن يكونوا عرضة للإنضمام للتنظيمات أو الإقتناع بفكرتها ؟؟ كل هذه أسئلة الملحة وغيرها كثير تحوم فوق رؤوسنا وتنتظر إجابة متعمقة يقدمها مركز متخصص، ولا مناص من البحث والتقصي عن أبرز عوامل النجاح للتنظيمات وماهي مآلاتها المتوقعة ؟؟؟ وهل هناك سبيل لإعادة هؤلاء إلى طاولة الحوار وجادة الطريق ؟؟ الواقع يقول أن هناك تنظيمات عدة تلاشت ف(التاميل) على سبيل المثال لا الحصر لم تعد بذات النشاط التي كانت عليه قبل عدة سنوات والجيش الجمهوري الإيرلندي وإيتا الأسبانية أمثلة لتنظيمات مندثرة تقريبا ومعرفة الكيفية التي أندثرت بها وساهمت في تلاشيها قد يفيدنا في حربنا مع هذه الفئة الباغية . و مع كل حدث إرهابي يصيب هذا الوطن نتألم لوقوعه علينا أن نتذكر أن الأوطان العظيمة هي تلك التي تتجاوز أزماتها بل أنها تلك التي تجعل من أزماتها الحادة محفزاً لها للخروج بأفكار عملية تطبيقية وريادية ومشاريع وطنية تسهم في تجنب آثار الأزمة وتحول دون تكرارها ، وتملك القدرة الكافية على أن تصنع من أزماتها الخانقة مشاريع خلاقة تعزز من مكانتها وتصنع منها ايم يسكن ذاكرة التاريخ والبشرية . ومامن شك ان البحث عن أسباب هذا التحول الخطير في سلوك بعض الأفراد والمجموعات يعد مجالا حيويا يجدر بالمعنيين في الحكومات دراسته وتسخير كافة الامكانات للسيطرة عليه ووضع الحلول المناسبة لقمع الإرهاب وتحقيق السلام عبر مشروع وطني يقوم على البحو ث والدراسات التي تعني بالتنظيمات والفكر المتطرف ويستعين بالخبرات العلمية ويفيد من الدراسات الإجتماعية والنفسية في هذا المجال .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه